مختار محمود يكتب: سامح حسين في “الأوقاف”!

لم يكتفِ وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري بمشاركة رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني في تكريم سامح حسين في ماسبيرو، ولكنه دعاه في اليوم التالي مباشرة إلى وزارة الأوقاف، وكرَّمه بحضور قيادات الوزارة، والتقط معه الصور التذكارية.
أحدث سامح حسين ببرنامج قصير غير متلفز حالة استثنائية غير مسبوقة. البرنامج -الذي يتناول قضايا اجتماعية وإنسانية وأخلاقية بأسلوب سهل سلس مقنع- صادف اهتمامًا كبيرًا وحصد مشاهدات مليونية ولا يزال. كما أحدث البرنامج زلزالاً في الأوساط الدرامية والإعلامية التي انحرفت عن الجادة أيَّما انحراف في السنوات الأخيرة؛ ما دفع الرئيس إلى التدخل والانتقاد مؤخرًا؛ مطالبًا المسؤولين عن هذه الملفات بتقديم ما ينفع الناس. مصر كانت رائدة الدراما العربية، قبل أن يَلِغَ فيها الصغار ومروجو البلطجة والابتذال والبذاءة!
بالعودة إلى استقبال “الأزهري” لـ”سامح حسين”، واحتفائه به، وبرسالته الهادفة التي يقدمها في برنامجه الذي أصبح حديث الصباح والمساء بين عشية وضحاها دون تكلفة تُذكر- كما أكد الأخير أمام الرئيس- فإنَّ هناك سؤالاً ضاغطًا وجادًا يطرح نفسه وهو: لماذا لا تستلهم وزارة الأوقاف تجربة سامح حسين في ظل احتفاء وزيرها المحدث الموسوعي العلامة به وببرنامجه ذي الدقائق القليلة؟
نفذ “سامح” مدعومًا بـ”إسكريبت” يكتبه شاب اسمه عبد الرحمن هيبة “دافنشي”، وبأقل الإمكانات الفنية، إلى قلوب الملايين من المصريين وغيرهم، وحصدت حلقاته إشادات رسمية رفيعة المستوى، وهو الأمر الذي تعجز عنه وزارة الأوقاف بمنابرها وعمائمها الدائرية والمُدببة! في السنوات العشر الأخيرة..خلت بعض المساجد مما ينفع الناس من دروس العلم والإرشاد. خُطب مُوحدة مُعلبة مُكررة سابقة التجهيز، منتهية الصلاحية، شديدة الملل. لماذا لا تعيد الوزارة ذات الولاية على مساجد مصر النظر في خطابها الدعوي الجاف، وتستبدله بخطاب حيوي عصري، يغازل وجدان الناس، ويعزف على أوتار قلوبهم ويتوغل إليها، كما فعل برنامج سامح حسين؟
علي وزارة الأوقاف أن تراجع نفسها من جديد، في ضوء الحالة التي أحدثتها حلقات برنامج سامح حسين؛ أملاً في أن تغدو المساجد -كما كانت في عقود سابقة- منارات للعلم ورفع الوعي وتصحيح المفاهيم وإزالة التراب الذي يُغلف قناعات الكثير.. خاطبوا الناس على قدر عقولهم يا معالي الوزير، وبما يفيدهم ويفيد المجتمع من حولهم.. فهل أنتم فاعلون؟!