مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: خواطر رمضانية

0:00

١ _ الجوع والعطش يُمثلان مشقة، ولكنك من بداية وقت الصيام لديك يقينٌ أن هناك وقتًا عنده ستنتهي المشقة، وهو وقتُ المغرب وقتُ الإفطار، فكما ثبَتَ الأجر، ثبت اليقينُ بأن لكل مشقةٍ فرجًا، وكذلك المشقة في الحياة إذا صادفتك _ وحتمًا ستصادفك _ لا بد أن تكونَ متأكدًا أن لها نهايةً تولد معها، لكنّ الصبرَ مِفتاحُ الفرج “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)” (سورة الشرح).

٢ _ رمضان موسمٌ من مواسم الخير، فإذا تركتَ المعاصي وأقبلتَ على الله في هذه الأيام فلا تحسبنّ نفسَك متناقضًا، لكنك عبدٌ متمسكٌ بحبل الرجاء بينك وبين ربك، عبدٌ تُعظِّمُ شعائرَ الله ” ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ” (الحج _ 32) ومِنْ أَهْدَافِ مَوَاسِمِ الخَيْر، رَدُّ العَبْدِ إلَى فِطْرَتِه، فاحرص على التزود بما تستطيع من خيرات وبركات هذه الأيام المعدودات.

٣ _ في عصرنا هذا ليس أكثر من أصنافٍ شتى من الأطعمة وحفلات ودعوات الإفطار والسحور، حتى صار رمضان شهرَ الطعام وليس شهر الصيام، وكذلك الأزياء والملابس التي تثير الغرائز ليس بالضرورة في شهر رمضان، وعبادةُ الصوم جاءت لتهذبَ هاتين الغريزتين غريزةِ الأكل وغريزة الجنس وهما غريزتان تسيطران على السلوك في عصرنا هذا، فإن تعودتَ تهذيبَ هاتين الغريزتين ارتقيتَ بنفسك وكان في ذلك مصلحةٌ لك.

٤ _ التزام الواحد منا بصيام النهار على الرغم من استطاعته الأكل والشرب دون عِلم أحد، فيه احترام للشهر المبارك ووفاءٌ للعهد مع الله.

٥ _ ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ … ” ( البقرة _ 185 ) ومِن الأدب مع القرآن أن نتدبرَ معانيه) فرُوح القرآن في معانيه، وأن نأخذ العبرة من قصصه، فهو الذي بنى حضارةَ أمتنا وجعل لها شأنًا، وجعلَها في قمة الوجود، بعد أن كانت على هامش الدنيا، فإذا تكالبت علينا الأمم فلنعتصم بكتاب ربنا نتدبره ونعمل به وعندئذ حريٌّ بنا أن نعود سيرتنا الأولى. انتبه في تعاملك مع كتاب الله: (اقرأ _ استمع _ تدبر _ اعمل).

٦ _ إذا كانت معظم انتصاراتنا العسكريةِ الكبرى حدثت في هذا الشهر الكريم (بدر _ فتح مكة _ حطين _ عين جالوت _ العاشر من رمضان) فإن هذا يعني ربطًا بين الجهادَين النفسي والعسكري.

٧ _ “إن رمضان فرصةٌ لتوبةٍ نصوح، وأملٌ فى نصرٍ قريب على شرط أن نصومَه ونقومَه كما أمر اللهُ سبحانه. فكم فينا من قلقٍ يريد القرار! وهائمٍ عن وطنه يريد العودة ومهزومٍ يشتاق للنصر. (محمد الغزالي)

٨ _ (اجعل رمضان انطلاقةً لعفة اللسان)، وهي المبادرة التي تبناها برنامجي (أفيدونا) على راديو مصر الذي يُذاع كل جمعة بعد نشرة الثانية في غير رمضان وبعد نشرة الثالثة في رمضان. ذلك أن الامتناع عن الأكل والشرب والشهوة وعدمَ الامتناع عن السب واللعن والفحش والكلام البذيء، يُفَرِّغ الصومَ من هدفه كعبادةٍ لها أهداف سلوكية ترتقي بسلوك البشر، فالصائم لا يكون سبَّابًا مع السبابين، شتَّامًا مع الشتامين. وفي الحديث الذي رواه البخاري ” الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ”. وفي حديث آخر عند البخاري أيضًا وغيره: “من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ”.

زر الذهاب إلى الأعلى