مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: معاك فلوس؟!

0:00

في فيلم “جاءنا البيان التالي” ( عُرض عام 2001م _ بطولة: محمد هنيدي وحنان ترك وآخرون _ إخراج: سعيد حامد _ تأليف: محمد أمين)، غيَّر “متولي” المسجون (الفنان متولي علوان) رأيَه في صاحب البيت، وبعدَ (الحَسْبَنَة عليه) بقول: (حسبي الله ونعم الوكيل) لأنه رماه في السجن بدون وجه حق (علشان له قرايب مهمين)!! أصبح (الحاج صاحب البيت)!! ودعا المسجون المظلوم: (ربنا يسامحني ويغفر لي غلطي) وأصبح هو قليل الأدب الغلطان!! حدث ذلك بسبب الفلوس التي منحها له المذيع (نادر سيف الدين) ليقول ما يريد!!

وبفعل المال أيضًا غيَّر الفنان “أحمد صيام” زبون المقهى رأيه حين سألوه عن ليلة رأس السنة وما تُمثله له، فمن الفشل في حياته، أصبحت الليلةُ تُذَكِّرُه بالنجاحات التي حققها العام الماضي!! وكذلك الفنان “فؤاد خليل” عم سعيد رجل البالوعة، بدأ يغني لـ “فريد الأطرش”: (الحياة حلوة بس نفهمها)!!!

ولعل هذا يذكرنا بما نقوله في ميراثنا الشعبي: ( الفلوس بتغيّر النفوس )!! ليس ذلك فقط، لكن وزيادةً فيما تفعله الفلوس ترانا نقول (ونسمع جميعًا هذا الكلام ونقرؤه على صفحات الفيس بوك):

_ (معاك فلوس يتقال لك يا عم الحاج من غير ما تشوف الكعبة)!!

_ (معاك فلوس تبقى قاضي عُرفي وتحكم بين الناس فى القعدات العائلية)!!

_ (معاك فلوس تبقى الوجهة المشرفة لبلدك)!!

_ (معاك فلوس تبقى كل عيوبك صفات، يعني لو بتحشش تلاقي حد بيقولك الحشيش بيفتح المخ علشان يراضيك)!!

_ (معاك فلوس هتلاقي الناس بتقول: وشه منور من الطاعة)!!

_ (معاك فلوس هتلاقي كل الناس بتلاعب في عيالك وتدلعهم وتعمل لهم حمير )!!

_ (معاك فلوس هتقعد في الصالون بتاع خيمة العزاء وعلى الكراسي المخصوصة )!!

_ (معاك فلوس يعني أعداءك هم أعداء الوطن، وحبايبك يبقوا أولياء الله الصالحين)!!

_ (معاك فلوس يبقى كلامك كله ولو كان عَكّ فِكر وحِنكة)!!

نعم، نحن نُقَيِّمُ الناسَ _ في الغالب _ بما يملكون من مال، لذا ستأتي اختياراتُنا في البرلمان وغيره بناءً على هذا الأساس غيرِ السليم، ونظل ندور في فلك مَن يبحثون عن مصالحهم، ومَن يبحثون عن كسب الوجاهة بعد ما كسبوا المال!!

المال مهم لا شكّ، و”نِعْمَ المالُ الصَّالحُ للمَرءِ الصَّالحِ” كما جاء في حديث رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _، وإنزالُ الناس منازلهم من الدين، لكن لا تجعلوا المالَ الأساسَ الوحيد لتقييم الناس، بغض النظر عن مصادره ومصارفه.

اختيارُ أمثالِنا مُهم، والصبرُ معهم ضرورةٌ للإصلاح؛ حتى لا نظلَّ داخلَ حلقةٍ مُفرغةٍ تتغيرُ فيها الأشكالُ والأسماء ويظلُّ المبدأُ المُعْوَجُّ ثابِتًا!!

زر الذهاب إلى الأعلى