صفوت عباس يكتب: (الكتاتيب : لوح مطلي بالطين اضاء عقول اجيال )

.. صخب وجلبة جائت عقب تصريح السيد رئيس الوزراء بإقتراح عوده الكتاتب في مصر لتقدم خدمات تعليميه وتربويه وثقافيه تعين النظام التعليمي وليست بديلا عنه، اعتبر المعلقون علي الامر انه ارتداد للخلف ورجعه للوراء وصاحب تعليقاتهم سخره وتهكم ونقد لاذع واتهام الحكومه بانها تسعي للمداره علي ماعتبروه فشلا للنظام التعليمي وعجزا عن تقديم حلول لعلاجه، كما اتهم بعضهم الكتاتيب بانها مفرخه للارهاب.
.. من انتقد الفكره بالتاكيد يجهل قيمه ومكانه الدور العظيم الذي كانت تؤديه الكتاتب وانها كانت عمادا للتعليم الاساسي في وقت كانت المدرسه امرا عزيزا ونادرا وان اتيحت في عواصم المراكز والمحافظات فإن الوصول اليها كان بحكم الترف او المستحيل.
.. تاريخ الكتاتيب او ماقام بدورها ممتد من ايام الفراعنه في مدارس المعابد وفي المسيحيه كانت ملحقه بالكنائس وبعد الاسلام كانت بنجوع وقري مصر وبوادي وحضر السعوديه والامارات والكويت وفي كل احوالها كانت تقدم تعليما لمبادئ الدين (ايا كان) مع بعض نصوصه البسيطه مع قيمه وتعاليمه واركانه وادابه كما كانت تقوم بدور تربوي من تعليم الانضباط واخلاق التعامل، وتعلم القراءه والكتابه ومباديء الحساب.
.. في اماكن تواجدها كان الناس يرسلون ابنائهم اليها ليعلمهم (المعلم او المربي او المؤدب او الفقي او الشيخ) مع توصيه بالحزم والشده لينال ابنهم حظا من التعليم والاخلاق والقيم، وكان اجر معلم او فقي او شيخ الكتاب “فتاتا” قليلا من نقد او عين ممثلا في خبز او تمر او حبوب وبعض معلمي الكتاتب كان يقوم بجهده تطوعا.
.. قبل سن المدرسه وبجهد (سيدنا) كما كنا نسمي معلم او شيخ الكتاب تعلمت انا واغلب ابناء جيلي ومن سبقنا علي لوح خشبي نطليه بمعجون طينه الطفله تعلمنا القراءه والكتابه ومبادئ واسس الحساب ، وتعلم من قبلنا لمراحل ختم القرآن مع علوم الحياه والدين البسيطه لانهم امتد امد التحاقهم بالكتاب الي عمر اكبر وبعضهم لم ينل تعليما بعده ، وكان اغلب اطفال القريه ينضمون الي الكتاب.
.. الرد علي الذين ينتقدون عوده الكتاتيب يتضمن :
_ من حيث ان الكتاب يعتمد علي الحفظ والتلقين وانه ضد الفهم والاستنباط وصناعه العقل فانه اي فهم يكون مع حفظ الحروف وطريقه كتابتها وتكوين الكلمات والجمل وقرائتها واي فهم يكون مع حفظ قصار الصور وباقي جزء عم ومعرفه شرح بسيط وليس تفسير لمعاني كلماته ومعرفه اركان الدين مع مبادئ الحساب الاولي وتعليم وصايا الاخلاق والآداب والقيم العامه.
_ مفارخ الارهاب لم تكن ابدا بالكتاتب فسن الاطفال لايستوعب معاني الجهاد والانضواء في تحت قياده امير ولايفهم معاني السمع والطاعه، كان ذلك ان تم علنا ففي زوايا مساجد او سرا باماكن غير معلومه وكان تاريخيا مع فك الخناق علي تنظيمات الاسلام السياسي بعد منتصف السبيعنيات من القرن الماضي ووقتها كانت تلاشت الكتاتيب، وان اي بيئه ظلاميه خفيه وسريه يمكن ان تخرب العقول.
.. من المؤكد ان الكتاب لن يكون بديلا للتعليم فلا وقته ولا قدرات وجهد القائمين عليه حاليا ستواكب تطورات العلوم وتعقدها وان كان شيوخ الكتاب _وكلهم الان في رحمه الله يقوم بمفرده بدور مدرسه كامله متعدده المستويات وفي مكان واحد بائس كل اثاثه الحصير وكل ادواته لوح مطلي بالطين وقلم كوبيا ومجموعه حصي وعصي خشبيه للعد والحساب وباجر لايكاد يذكر ولو قارنا جوده عمله بمستوي الحضانات وفصول رياض الاطفال وبسعر مابعد التعويم واجور (الميس Miss) معلمه الحضانه او معلمه خصوصيه فانا اقدر ان يكون الحد الادني لاجره ٥٠ الف جنيه.
_ اذا عادت الكتاتيب فمن اين لنا ب (سيدنا) شيخ الكتاب الذي كان مجموعه معلمين في شخص واحد يعلم عده علوم ( الدين واللغه والحساب والقيم والاخلاق) وبنهايه الاسبوع يتحول الي منشدا وحكاءا يقدم ترفيها ينتظره الصغار علي احر من الجمر.