دكتور عماد عبد البديع يكتب : ( مخاطر التريندات المفبركة على قيم المجتمع )
تطالعنا الأخبار عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والأخر بالأشياء الملفتة أو الخارجة عن العادة، وننساق في أحيان كثيرة خلفها ونصدقها ثم ما نلبس أن نكتشف أنها أخبار مزيفة يقوم بها أصحابها لعمل تريند لخلق حالة من الشهرة السريعة أو الجري وراء الربح السريع،،، أصابت هذه الظاهرة المجتمع الذي تعرض في الفترات الأخيرة لموجة غير مسبوقة من التريندات المزيفة والاخبار المغلوطة، خاصة مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية والتي تجد من خلالها هذه التريندات فرصتها للانتشار الواسع والسريع …
بل وللأسف في بعض الأحيان تجد من يقوم بعمل هذه التريندات من النجوم والمشاهير في المجتمع، حين تنزوي عنهم كاميرا الإضاءة في بعض الأوقات فليجأون إلى عمل تريند لإعادة الأضواء إليهم وترديد اسمهم في كل المحافل والمنصات ، فنجد أحد الفنانين على سبيل المثال يؤجل طرح البومه الجديد حدادا على وفاة الملكة اليزابيث ملكة انجلترا، ونجد من يعلن ويصرح أمام الإعلام مرارا وتكرارا نيته إقامة حفلات أو عمل تعاون فني مشترك مع أصدقايه من الفنانيين الاسرائليين، ومن يتصور وهو يلقي بالفلوس في المياه،،، الخ وتجند ترند أخر ينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم وحالة من الصعبانيات التي أصابت الكثير من المواطنين اثر حذف أسم إحدى مشاهير الفنانات المرموقات في المجتمع من بطاقات التموين! وغيرها من الأمثلة الكثيرة للفنانين والفنانات الذين أصبحوا ” مشايخ ترندات ” وحديث المدينة ليل نهار !
ثم نجد طبيبة أخرى تقوم بإفشاء أسرار خطيرة للمرضى، وعمل فيديوهات تتحدث فيها عن أمور مختلفة وشك في سلوك المرضى وتويبيخ للمرضى .. الخ من السلوكيات التي تتنافى مع القيم الإنسانية لمهنة الطب ، فما كان من النقابة إلا أن تتدخل وتحيلها إلى التحقيق وتنتهي بالفصل عن العمل وضياع المستقبل وكله عادي في سبيل الترند …
وهناك شئء أخر لا يقل في خطورته عن هوس الترند وهو ما يعرف بتحدي السيلفي، والذي تسبب في فقدان العديد من الأسخاص لحياتهم أثناء محاولتهم التقاط صور سيلفي أثناء أكثر المواقف إثارة، هذه الصور التي يتم التقاطها من أكثر الأماكن قربا نحو الخطر تتسبب في كوارث كبيرة، فهناك من سقط من أعلى بنايات احدى ناطحات السحاب أثناء التقاطه صورة سيلفي ، وكذلك سقط أحد الأفراد تحت عجلات القطار أثناء التقاطه سلفي تزامن مع مرور القطار السريع ، وانزلق قدم عريس وزوجته ليجرفهم الموج الهادر أثناء التقاطهما لصورة سيلفي، وهناك من يتصور سيلفي وهو خارج السيارة أثناء القيادة …
هذه المخاطر وغيرها جعلت أحدى حدائق الحيوان بولاية نيويورك بامريكا تحذر من التقاط صور سيلفي بالقرب من القطط الكبيره كالاسد والنمر وتعرض من يفعل هذه الافعال لغرامه ماليه كبيره هو والحارس الذي يقوم بالحراسة، كذلك اصدرت حكومه مومباي بالهند العديد من القوانين التي تضع ضوابط لالتقاط صور السيلفي وتجربم التقاطها في بعض الاماكن المحدده نظرا لوقوع العديد من الوفيات اثناء التقاط السيلفي في هذه الاماكن. كذلك حذرت كوريا الجنوبيه من بيع عصا السيلفي والتي تعرض من يبيعها لغرامات ماليه كبيره او الحبس!!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل جميع الترندات خطيره على المجتمع؟ الحقيقه ان ظاهره الترندات سلاح ذو حدين، فمن الممكن استخدام هذه الظاهره في الترويج للمشاريع التي تقوم بها الدوله وخطط التنميه وكذلك الترويج للحملات المفيدة وللقيم الأصيله والمتتجذره في مجتمعاتنا وكذلك التي تحث على البناء والتنميه، لكن ان تستخدم التريندات كوسيله للكذب والخداع والتضليل وترويج الافكار المغلوطه والهدامه لقيم المجتمع فهذه هي التي تحمل كل الضرر على قيم مجتمعاتنا.
ومن جانبه انتبه المشرع المصري إلى خطورة هذه الظاهرة وقام بوضع العقاب الرادع لكل من تسول له نفسه بالغش والاحتيال والكذب على الجمهور بالعقوبات المغلظة التي تصل إلى ٧ سنوات سجن في سابقة مت نوعها تنم على حرص المشرع المصري على حفظ قيم المجتمع الذي يبحث عن الصدق والبناء والتماسك والتنمية ..
