مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : حلول غير مضمونة لأزمة السودان!

أكدت الأحداث الأخيرة بالسودان، عدم قدرة الطرفين المتحاربين من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بينهما وحقن الدماء المسالة منذ أكثر من عام، رغم جهود الوساطة المستمرة سواء من الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة، إذ يبدو أن تمسك كل طرف بموقفه يزيد المشكلات أمام التوصل إلى حلول نهائية للأزمة السودانية التي أصبحت مشكلة كبيرة بالنسبة للشعب السوداني الذي وجد نفسه بدون ما يدري وسط آتون حرب أهلية مدمرة بسبب خلاف شخصي على إدارة السودان.
الشكوك تتزايد حول إمكانية نجاح جهود استئناف مفاوضات جدة التي سبق ونجحت أكثر من مرة في التوصل إلى اتفاقات هدنة مؤقتة، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما دفع الشعب السوداني ومعه المهتمين بالشأن السوداني الي التفكير في البدائل وكل الاحتمالات المتوقعة، في ظل اتساع رقعة الحرب وتفاقم تداعياتها الأمنية والإنسانية الخطيرة.
والتساؤل: متى يتدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة بعد نفاد الصبر على ما يجري بالسودان؟.. وما هي الخطوة المحتملة في حال فشل جهود إنهاء الحرب بصورة نهائية؟.
يبدو من مواقف الجيش وقوات الدعم السريع المتباينة، صعوبة الجلوس على مائدة التفاوض، بسبب حسابات الربح والخسارة لدى كل طرف، وعلى سبيل المثال، يشترط رئيس المجلس السيادي وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان انسحاب الدعم السريع من المناطق التي يسيطر عليها قبل العودة للتفاوض ، وهذا الأمر مشكوك فيه أصلا، ما يهدد إمكانية نجاح استئناف التفاوض، خصوصا أن رفض البرهان التفاوض مع الدعم السريع يدعمه قيادات الجيش ومجموعات سياسية ومسلحة موالية تساند الجيش في الحرب الحالية منذ اندلاعها في منتصف أبريل ٢٠٢٣ وترفض مبدأ التفاوض أصلا.
أما قوات الدعم السريع التي تعلن قبولها مبدأ التفاوض، فيصعب التنازل عن عناصر قوتها الميدانية إذ تسيطر على نحو ٦٠٪ من أراضي السودان، ما يجعلها أقل حماسة لاستعجال الدخول في أي عملية تفاوضية قد تخصم من مكاسبه الحالية، رغم موقفها المعلن من قبول التفاوض.
فعدم الاستعداد الجاد من قبل طرفي الحرب للحوار الجاد، يؤدي بطبيعة الحال إلى استمرار الحرب وزيادة رقعتها الجغرافية لدرجة لم تعد هنالك منطقة آمنة، وهذا أمر في حد ذاته يزيد من صعوبة جمع الطرفين إلى مائدة المفاوضات وتقريب المسافات بينهما. فقوات الدعم السريع تشعر بقوة موقفها العسكري وكذلك قدرتها على المناورة لأنها لو تفاوضت سيكون من موقع قوة وليس ضعف ما يجعلها تتمسك بما تسيطر عليه، بعكس طرف الجيش الذي يصعب الذهاب إلى مفاوضات في ظل خسائره الحالية، ولو تفاوض سيكون من موقف ضعيف لا يمكنه من التشدد في مواقفه.
ولذلك يتوقع البعض أن تقود الكارثة الإنسانية بالسودان إلى سرعة تدخل دولي وإقليمي في حال فشل جهود العودة للتفاوض، ويستتبعه مشروع قرار يدعو مجلس الأمن إلى التدخل تحت الفصل السابع، وإرسال قوة تفرض وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية لضمان انسياب المساعدات للمتضررين في كافة أنحاء السودان. وهو ما يتمناه كل سوداني ومواطن عربي وغير عربي، لأن تفاقم الأزمة الناجمة عن تمدد الحرب سيعرض السودان للانهيار التام والانزلاق نحو حرب أهلية شاملة ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على المنطقة وخاصة دول الجوار التي ستشهد المزيد من موجات النزوح واللجوء، الأمر الذي يهدد أمنها القومي. المأمول حاليا أن يسارع المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي، بالتدخل الدولي لوقف زيادة رقعة الحرب ووقف تداعياتها الكارثية، ولإنهاء المجاعة في السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى