مقالات الرأى
مشيرة موسي تكتب ” للذكريات رائحة “
من فترة وانا قاعدة لوحدي مع نفسي … قررت اسافر الإسكندرية … لا مش الساحل … الإسكندرية … ويا ريتني ما قررت … الكلام اللي هقوله ده مش كل الناس هتفهمه … اعتقد لازم يبقي السن ” ٤٠+ “… متفهموش غلط … انا باتكلم عن حاجة تانية خالص … انا اكتشفت ان كل حاجة زمان كان ليها ريحة مختلفة تماما … خليني احكيلكم عن عروس البحر المتوسط زمان … الإسكندرية كان لها ريحة مخصوص … ريحة البحر … حاجة كدة مزيج من اليود والطحالب والهوا والرطوبة … حاجة كده وانت مغمض تعرفها وتنطق اسمها … ريحة مختلفة عن أي مدينة تطل علي البحر … ومش بتكلم عن البحر بس … زمان جدااااا كنا اول مانخلص مدرسة نروح عند جدتي في “سابا باشا ” … الفطار عند جدتي كان له ريحة خاصة … الفول بالسمن البلدي زمان مختلف تماما عن الفول بالسمن البلدي دلوقتي … نفس الشئ البيض … وصفيحة الجبنة البراميلي اللي لسه فاتحينها ريحتها بتملأ البيت … اما العيش الفينو المقرمش من فرن الابراهيمية فده رائحته بنشمها من اول الشارع … حاجة كده مالهاش مثيل … الذكريات مش بس صور … الذكريات مش بس اشخاص … الذكريات ممكن تكون روائح كمان … قعدت افكر ممكن استدعي كام رائحة من بتوع زمان … قررت أن اتحدي ذاكرتي وان اتذكر روائح الماضي … مبدئيا حددت الرقم ١٠ … لا أعرف لماذا ١٠ روائح … – تذكرت رائحة الورد الذي كنا نقطفه كل صباح من الحديقة … قبل وصول أتوبيس المدرسة … لنزين به الفصل … – تذكرت رائحة الفاكهة في البيت … الفراولة الصغيرة … الموز … البرتقال واليوسفي ورائحة الزيوت القوية في القشرة والتي كنا نطلقها فجأة تجاه عيون الآخرين … – تذكرت رائحة حلة الأرز المميزة ” الواحدة وواحدة ” زي ما كنا بنسميه … – تذكرت رائحة حشو التورته الميلفي من الكريم شانتي والفراولة في مصنع خارينوس بمصر الجديدة والتي كانت تصنع أمامنا عند طلبها … – تذكرت رائحة الكولونيا ال ” اولد سبايس” التي كان خالي يستخدمها … – تذكرت رائحة صابون الوجه والذي بداخله هدية صورة احد الممثلين العالميين … – تذكرت رائحة صابون الغسيل الذي كانت “دادة خضرة ” تقوم ببشره … مثل البصل … لتستخدمه في غسيل الملابس … – تذكرت رائحة الورق المخصوص الذي كان الجزارين يستخدمونه في لف اللحم المباع … – تذكرت رائحة الشوارع التي كانت ترش وتغسل يوميا بعربات خاصة … – تذكرت رائحة اللبن الذي كنا نقوم بغليه … وكان بائع اللبن يمر علي البيوت يوميا لبيع اللبن الطازج فنقوم بغليه ونحصل علي طبقة سميكة من القشطة … تذكرت روائح الماضي الذي احبه … وتعجبت كيف ظللت احتفظ بهذه الروائح في دولاب الذكريات … والأعجب كيف استطعت استدعاء رائحة الماضي بهذه السهولة …