وفاء أنور تكتب: كن أنت الرقم الصعب

تشعر بالاغتراب أحيانًا وسط مجتمعك ، عندما تجد أن ماتعلمته وما تلقيته من تربية لم يعد يلائم هذا الزمان ، تقرر الاختفاء لساعات طوال أملًا في إعادة ترتيب أوراقك ، أو قل رغبة في العثور على حل لتلك المعادلة بعد أن أصبحت أنت الرقم الصعب الوحيد فيها ، تخرج كل يوم إلى عالم يشبه مدينة ملاهي كبيرة ، الكل يضحك ، يصرخ ، يكذب ، يتلون ، يرفع قناعًا ليضع الآخر ، يصعد كل ليلة على خشبة مسرحه مؤديًا دورًا يختلف عن الآخر .
تجد نفسك مذهولًا بكل ماتحمله الكلمة من معنى ، توجه لنفسك مئات الأسئلة ، وكأنك بالفعل أصبحت داخل امتحانك الحقيقي ، والأخير ، متسائلاً ، ماذا حدث ؟ مستخدمًا كل صيغ الأسئلة ، إضافة ، وحذفًا دون جدوى ، تنظر في مرآة نفسك فجأة لتجد ملامحك وقد علتها الدهشة ، وأنت تتساءل في ألمٍ هل كل ماحصلت عليه من علم وخضته من تجارب أصبح باليًا إلى هذا الحد ، هل كنت في غفلة ، والعالم من حولي يتغير بأعلى معدلات السرعة ، دون أن أدري .
إن الشتات وسط كل هذه الجموع أقسى من الشتات في وحدتك ، بمفردك داخل غرفتك ، الغربة لم تعد غربة مكان بقدر ما هى غربة مبادئ ، وقيم ، إن خيانة العادات والتقاليد والموروثات التي تعب الأباء ، والأجداد في غرسها من أجلنا تؤلم من كان لديه بعض من ضمير .
إذن عليك أن تتوارى تختفي لبعض الوقت مِن حياة مَن حولك فأنت في حالة لاتسمح لك إلا بالابتعاد ، يقولون انطفاء يقولون مايقولون إن هذا لايعنيك ، يكفي أن تمتن لذاتك التي مازالت تناضل لتتمسك بكل ما تعلمته وحصلت عليه من تربية سليمة .
كن أنت الرقم الصعب في كل معادلة ، كن الجمال حين ينتشر القبح ، كن الهدوء حين تنتشر فوضى الضوضاء المزعجة ، كن الحنان والرفق حين تنفجر الوحشية لتسود أغلب المجتمعات .