صفوت عباس يكتب: ضجيج بلا طحن.. توكيد الجوده _الموارد البشريه

عنوانان تداولا بشده من اكثر من ٢٠ عاما وحتي الان، يذكران بحاله تشدق كبيره مع صخب وجلبه وضجيح وواقعهما قد يكون فارغا تماما من اي مضمون عكس مايوحي الاسمان وهما (توكيد الجوده.. واداره الموارد البشريه)
في الاول تسابقت الشركات ومراكز العمل وجميع المؤسسات للتسجيل وحيازه شهادات Iso بسلاسلها المختلفه سواء لاثبات جوده المنتج (صناعي او خدمي) او النظام البيئي واخيرا جوده التعليم وفق اجراءات ووثائق تحدد الطريق وسجلات وعمليات تثبت العمل وتوثقه وكان البروتوكول الحاكم ان اجراءات مجربه وموثقه تقود الي عمليات ناجحه تفضي الي منتج جيد في اي مجال، في البدايه كان التاهيل صارما والمراجعه قويه وكاشفه ومصححه والان تطور الامر الي مجموعه لافتات تزين جدران اي منظمه وسجلات اصبح تدوينها نمطيا ورتيبا ومعتادا وتدقيقا ومراجعه شكليه ادت كلها الي تفريغ الاسم من معناه واصبح لايتجاوز رقم السجل التجاري او الضريبي وفي جوده التعليم اصبحت كالعدم لفقدان اهم عناصرها وهو المعلم.
اما الثاني وهو (اداره الموارد البشريه) والذي يعني اساسا بعمليات اداريه تبدأ من نشأه اي موسسه وترافقها لتحديد شكلها التنظيمي الذي يقود الي تحقيق اهدافها عبر وحدات تنظيميه تشكل هياكل تنظيميه ووظيفيه تحدد الادوار والمهام بدقه لوحدات الهيكل التنظيمي وافراد الهيكل الوظيفي وتحدد شكل السلطه في المؤسسه والمسئوليه المصاحبه لكل سلطه وظيفيه ومسار تدفق القرار ومسئوليه الافراد عن تنفيذه للوصول للغايه منه ويصاحب هذا بطاقات موثقه لمهام كل وحده تنظيميه وبطاقات وصف للوظائف تحدد موقعها وتبعيتها تنظيميا واشتراطات شغلها والتي تبداء من التاهيل العلمي والخبرات المكتسبه وسوابقا واماكن اكتسابها وتتجاوز الي الصفات والسمات والقدرات الشخصيه كالمظهر الشخصي وقدرات التفاوض والقياده والعمل مع فريق والعمل تحت ضغط والتعامل مع الجمهور _هذا في بعض الوظائف_والمهام التفصيليه لاعمالها وتحوي بعض بطاقات الوصف اجر الوظيفه حسب موقعها في السلم الوظيفي ومهامها والجهد المبذول فيها عقليا او عضليا وهذا قد يتحدد وفق شكل قانوني في المنظمات الحكوميه ووفق تقديرات صاحب العمل الحر.
اداره الموارد البشريه ليست عمليات جامده تتعلق بالشكل التنظيمي والقوي العامله التي تشغله من اختيارها لتاهيلها لتقييم وتطوير ادائها انما هي عمليات متطوره يفرضها التطور المستمر لشكل المنشئات وتطور انشطتها لتلاحق التطور المتسارع بشده في كل انماط الحياه ومايستجد فيه.
اغلب جهات العمل اختزلت اداره الموارد البشريه فيما كان يسمي سابقا شئون الموظفين او الافراد وجعلت مهامها محصوره في الاطر المقننه للتوظيف والترقيه والاجور والتامينات والجزاءات معتمده في ذلك علي لوائح واشكال قانونيه باليه او محدثه.
عبقريه (اداره الموارد البشريه) لاتتمثل فيما سبق فقط لكنها يجب ان تتجاوز للاهم الذي فرضته ظروف راهنه في القوي البشريه سواء بالوفره او الندره ومع مزاحمه الالات للانسان ومع قضاء الاتمته والنظم الذكيه علي فرص العمل _هذا _ سيذهب باداره الموارد البشريه الي مسار تفكيك ازمتي القله او الوفره في الايدي العامله وخلق حلول تتجاوز القله وتوظف الوفره وتجنب المنظمه بشكليها الحكومي او الخاص ان تقع تحت وطأه قله العماله او وفرتها وتجنب الاطار الاكبر (الدوله) معضله التعطل والبطاله او حتي استيراد العماله من الخارج ويمكن ان تتخطي لتصدير عماله.
التخطيط كاحد مهام (اداره الموارد البشريه) عمل تشاركي يجب ان يقوم به متخصصين فنيين بمجال العمل لفهمهم بالمهام المطلوبه من الوظيفه او التقسيم التنظيمي بدقه مع متخصص اداري متمكن من صنعته وماهر في انجاز الاشكال التنظيميه والروابط بينها وبيده سلطه اتخاذ قرار الحل وتفعيله ولايمكن حصرها في قوالب نمطيه قانونيه ولوائح جامده بل في حلول مرنه تستوعب الوضع القائم وتحله وتطوره ويقنن لها ان تكون مرنه متفاعله مستوعبه، ومن اهم ادوارها تبسيط الاجراءات وكسر الروتين وتخطي الانماط الباليه للعمل مع تطوير واختزال الدورات المستنديه والتقليل من تحكم ممل للاوراق والتوقيعات في مسار العمل
(اداره الموارد البشريه) لو فعلت علي مستوي الدوله ستكون هي المخطط الاساسي للتعليم وربما لمناهجه وسياساته لينتج خريجين مطلوبين لسوق العمل في كل التخصصات ويمكن ان يعيد تاهيل سيول الخريجين الذي انضموا لتعليم قسري لاحاجه لمنتجه ويمكن ان تساهم اداره الموارد البشريه علي مستوي الدوله عن اعاده رسم خريطه الانشطه الصناعيه والزراعيه حسب خريطه توفر الايدي العامله والسوق وعوامل النشاط الاقتصادي، وتجعل الوفره في الايدي العامله ميزه فعاله تحقق قيم مضافه للانسان والاقتصاد حال وفرتها وتمر بها من مضيق القله منها، كما تهدف لتسريع وتيره العمل واختزال خطواته استثمارا للوقت والجهد بما يزيد المردود من الفتره الزمنيه.
هذا هو الاجدر ل (اداره الموارد البشرية) بدلا من كونها لافته علي حجره تحوي أشخاص يديرون تلال من حوافظ الاوراق او مسمي براق واجوف لوظيفه.
وفي السياق ادعو بالرحمه لاستاذنا سعد فهيم خليل الذي كان بحق مهندسا اداريا وخبيرا باداره الموارد البشريه والتنظيم وخبيرا في التفكيك القانوني للمشكله الاداريه ايا كانت والذي كان منهجه التعليم بالممارسه والتجربه لا بالمحاضره وكان رحمه الله استاذا لاجيال من كفاءات اداريه قادره وفاعله.