مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب: مصر وتحديات المستقبل

0:00

شاهدنا جميعا زيارات الرئيس الأمريكي ترامب لدول الخليج والاستقبال الحافل الذي أعدوه له في السعودية وقطر والإمارات العربية وكأن مشاهد الزيارة خلال فترة رئاسته الأولى تتكرر بنفس المشاهد ونفس السيناريو ولكن الذي اختلف في هذه الزيارة عدم اصطحاب ترامب لأسرته خاصة زوجته ميلانيا وابنته إيفانكا جميلة الجميلات وكان من الملاحظ في هذه الزيارة كم الأموال الضخمة التي حصل عليها الرئيس الأمريكي من دول الخليج التي زارها والتي فاقت توقعاته شخصيا والتي جاءت تحت مسميات صفقات استثمارية وعقود مشتريات أسلحة وطائرات وكان الملفت للنظر في هذه الزيارة الترامبية هو تلك السطوة المالية الضخمة لدول الخليج والتي مكنتها من أن تتصدر المشهد الإعلامي في العالم العربي ومع كل هذا الصخب الذي صاحب زيارات الرئيس الأمريكي ومؤتمراته الصحفية والمنتدى الاقتصادي الأمريكي السعودي كل هذه المشاهد دفعت للتساؤل عن سبب غياب مصر عن هذا الكرنفال الأمريكي الخليجي الكبير أو حتى عن سبب تغيبها عن حضور القمة الأمريكية الخليجية ولو بصفة مراقب وأعتقد أن السبب الرئيسي لذلك الغياب هو طابع الزيارة الاقتصادية الخالصة ومواقف مصر الراسخة والقوية من رفض التهجير ومن تصفية القضية الفلسطينية ولكن إذا أردنا أن نحلل موازين القوة في هذه الزيارة حتى وإن اتفقنا أو اختلفنا نجد أن القوة الاقتصادية الخليجية هي التي كانت متصدرة للمشهد أيا كان توجه هذه القوة أو مجالات توظيفها أو حتى على المقابل تعامل أو استغلال الطرف الأمريكي لهذه القوة الاقتصادية وفي المقابل نجد أن المواقف المصرية من كل القضايا التي كانت مصر طرفا فيها هي مواقف مصرية وطنية مشرفة وأن كل القرارات التي خرجت من مصر لصالح هذه القضايا وخاصة قضية غزة هي قرارات ومواقف تعكس مدى قوة مصر ودفاعها المطلق عن سيادتها وقرارها وما كان لمصر أن تتخذ هذه المواقف السياسية وتفرض إرادتها مالم تمتلك القدرة على حماية قرارها وتمتلك القوة التي تفرض بها هذه القرارات والمواقف ولكن ما حدث في زيارة الرئيس الأمريكي لدول الخليج يدفعنا دائما إلى المطالبة بإعادة هيكلة القوة الشاملة المصرية فيما يشبه عملية الدعم والمساندة للقرارات والمواقف المصرية أو فيما يشبه تقديم هذه القوة الشاملة المصرية في مواجهة التحديات الخارجية بشكل أكثر قوة وتأثيرا وحينما نتكلم عن القوة الشاملة المصرية فهي القوة العسكرية الرادعة مع قوة وتماسك المجتمع من خلال نظام مجتمعي وسلوكي راقي يحترم القيم والمبادئ والأخلاق والسلوكيات العامة ويرسخ من قيمة ووجود الإنسان والمواطن المصري وحينما نتحدث عن القوة الشاملة المصرية والتي أصيحت ضرورة وملزمة للجميع في ظل هذه التحديات فإننا نتحدث بجانب القوة العسكرية عن تعليم عصري وعالمي  يستنهض مواطن التفكير والابتكار والإبداع لدى الطالب المصري وبعيدا عن كل هذه التجارب التي تحدث حاليا والتي أصبحت غير مقنعة للجميع حتى لمن يعمل في مجال التعليم أو حتى يكون عنوان تجربة ومشروع التعليم في مصر قيمة علمية وأكاديمية عالمية راقية تستطيع أن تقدم هذا المشروع أمام دول العالم وذلك حتى تحترم هذه الدول وتقدر مشروعك التعليمي العالمي لأن إذا امتلكت مشروعا تعليميا عالميا رائدا ومبتكرا في محيطك ومجالك وقدمته للعالم من حولك فسيعرف الجميع أنك تقدم لهم دولة وحضارة وقوة مصرية قادمة وحينما نتحدث عن القوة المصرية الشاملة فإننا نتحدث عن حياة سياسية وبرلمانية وانتخابية حيادية وراقية وشفافة وبعيدة كل البعد عن القوالب التاريخية العتيقة التي عفى عليها الزمن ولم تعد تصلح للوقت والظروف السياسية الحالية فكما نواجه العالم بقدرات سياسية واقتصادية وعسكرية قوية ورادعة نواجه العالم أيضا بنظام سياسي وبرلماني وانتخابي حر ونزيه وقوي يعكس على سبيل الحقيقة نبض الشارع المصري ويقدم تجربة انتخابية وبرلمانية مصرية رائدة تستطيع أن تكون داعمة وقوية للمواقف المصرية في الداخل والخارج . إن من أكبر وأهم العوامل التي تواجه بها تحديات المستقبل أن يكون لديك اقتصاد قوي وحقيقي وعالمي يقوم على العمل والانتاج لا على المنح والقروض وأعباء الديون اقتصاد يقوم على منتجات صناعية مبتكرة من خلال تكنولوجيا متقدمة لا على الجباية والضرائب والإبداع في تحصيل الرسوم الحكومية اقتصاد تقتحم من خلاله مجالات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات وبعيدا عن اقتصاد الكمبوندات . العالم من حولنا لا يعترف إلا بالقوة والقوة الاقتصادية هي التي تدافع أيضا عن القرار وتحمي الإرادة السياسية وكذلك من عوامل القوة المصرية الشاملة بجانب القوة العسكرية قوة الدين والثقافة والرياضة والارتقاء بوعي المجتمع وسلوكياته وتطبيق معايير المواطنة الشاملة .

إن التحديات التي تواجه مصر في الحاضر والمستقبل كبيرة ومتغيرة وأثبتت المواقف الخارجية أن الاعتماد على قوة الدولة المصرية الشاملة هي الأساس والمرتكز في مواجهة هذه التحديات كما أثبتت أننا نعيش ظروفا وأحداثا دولية استثنائية وهذه الظروف الدولية الاستثنائية تحتاج أعضاء حكومة ورجال دولة على قدر هذه الظروف الاستثنائية وبقدرات حكومية علمية وعالمية متخصصة وفريدة من نوعها ومبدعة ومبتكرة وخلاقة في مجالها وبعيدة كل البعد عن النمط التقليدي والحكومي المعتاد كما فرضت هذه التحديات أيضا أن الالتزام بالتغيير وإعادة هيكلة وتقديم جميع مفردات وأدوات القوة الشاملة المصرية قد أصبحت ملزمة وحالية للجميع لأننا لا نملك رفاهية الوقت

زر الذهاب إلى الأعلى