مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: الديانة الإبراهيمية

0:00

سيدنا إبراهيم _ عليه السلام _ هو أبو الأنبياء؛ إذ لم يُبعث نبيٌّ مِن بعدِه إلا وكان مِن نَسْلِه. عاش في العراق، ثم هاجر إلى الشام، ولما نزلتْ بأرض الشام ضائقةٌ شديدة نزح إلى مصر، ومنها إلى فلسطين، وأخذ يتردد على مكة لزيارة زوجته السيدة هاجر وابنِه سيدنا إسماعيل، وكان الأمرُ برفع قواعدِ بيت الله الحرام. هذه الأماكنُ التي ذكرناها هي مسرحُ الأحداث الآن في منطقة الشرق الأوسط.

ومنذُ فترة بدأ الحديثُ عن مشروعٍ يجمع أتباعَ الدياناتِ السماويةِ الثلاث (اليهودية _ المسيحية _ الإسلام) على اعتبارِ أن القاسم المشترك بينها هو أبو الأنبياء عليه السلام، وهي دعوةٌ هدفُها المُعلن التركيزُ على كل ما هو مشترك بين الديانات، وغضُّ الطرف عن كل ما يُسبب النزاعات!! ولكنَّ السؤالَ الذي نطرحه: هل هذا الهدفُ المُعلن حقيقيٌّ، يحمل في طياته نُبلًا وإنسانيةً أم أن المقصودَ الإجهازُ على الإسلام الذي _ رغم ضعف أتباعه لا ضعفه هو _ يُمثل حَجَرَ عَثرة في سبيل تحقيق أچندةٍ سياسيةٍ يسعى إليها كثيرون منهم مسلمون؟! وإذا كان الدينُ ضروريًّا في هذه المنطقة من العالم فلنصنع لهم دِينًا لا طعمَ له ولا لونَ ولا رائحة!!

ربُّ العزةِ يقول: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ” (هود _ 118)، إن هذا يعني أن اجتماعَ البشر على دينٍ واحد أمرٌ مستحيل، لكنَّ احترامَ كلِّ أتباعِ دينٍ لعقيدة الآخرين أمرٌ واجب.

إن مثل هذه الدعوة إلى الديانة الإبراهيمية تُصادر حريةَ الاعتقاد، وحريةَ الإيمان والاختيار، وهي دعوة كما يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية “عصام عبد الشافي”: (ليست وليدةَ السنوات الأخيرة أو وليدة اتفاقيات التطبيع التي أُطلق عليها اتفاقات أبراهام عام 2020م، بل هناك مجموعة من الدراسات والأوراق والتقارير الرسمية سبقت هذه الخطوة بعشر سنوات، وقد صدرتْ وثيقةٌ في جامعة هارفارد عام 2013م سميت “مسار إبراهيم”، ووثيقة رسمية صدرت عن جامعة فلوريدا الأميركية عام 2015م تتحدث عن “الاتحاد الفيدرالي الإبراهيمي”، وفي عام 2013م تم تشكيل إدارة خاصة سميت “إدارة الحوار الإستراتيجي مع المجتمع المدني” داخل وزارة الخارجية الأميركية عندما كانت تتزعمها هيلاري كلينتون، وضمت هذه الإدارة خمسين شخصا دبلوماسيًّا، وخمسين ممن أُطلق عليهم القادة الروحانيون في المنطقة العربية أو الشرق الأوسط، ويُقصد بهم رجالُ دين من الديانات الثلاث، وكان الهدف هو الاستفادة من التأثير الكبير للشخصيات الدينية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية للدفع باتجاه المسار الإبراهيمي. ومنذ ذلك الحين ظهرت الدبلوماسية الروحانية التي تهدف إلى توظيف الدين في خدمة الأجندات السياسية أو ما يعرف بالإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط).

ولا ننسى أنه بعد توقيع اتفاقية أوسلو في 13 سبتمبر عام 1993م خرج الرئيس الإسرائيلي التاسع شيمون بيريز (1923م _ 2016م) وهو مَن وقَّع الاتفاقية، وكان وزيرًا للخارجيةِ حينها، خرج ليتحدثَ عن “الشرق الأوسط الجديد” وألَّفَ كتابًا بهذا العنوان!! ويرى المتابعون من أساتذة العلوم السياسية أن هناك مليارات الدولارات تضخ على وسائل الإعلام، وعشرات الفعاليات تنظم سنويا في محاولة لتغيير الخطاب الديني ومسخ هوية ومعتقدات أبناء شعوب المنطقة!!

ينبغي أن نشير إلى أن “اتفاق أبراهام” جاء فيه: (أنه على كل أبناء الديانات ممن هم من سلالة إبراهيم الصلاةُ في جبل الهيكل) الذي هو الاسم العبري للمسجد الأقصى المبارك، وهو ما يعطي حقا مزعومًا لليهود للصلاة في المسجد!!

كل المخططات واضحة بل ويُخطط لها أمامنا والفتنةُ الكبرى قائمة! وبالتوازي مع سؤالنا اللهَ السلامة، لا بد أن نتحرك ليعيننا الله.

زر الذهاب إلى الأعلى