محمد محمود عيسى يكتب: حي على الجهاد

تتداعى علينا الأحداث المثيرة والمقلقة بخصوص أزمة وأحداث غزة تلك الأزمة التي فرضتها علينا الجغرافيا وفرضها علينا التاريخ والأقدار وبقدر ما تتصدى مصر وتقف في وجه عاصفة التهجير وتصفية القضية الفلسطينية والتصدي لأوهام إسرائيل الكبرى ومحاولة إنقاذ ما تبقى من الأرض والدول والكرامة العربية إلا أن كل ذلك يقابل بمزيد من الإنكار والرفض ومحاولات التعدي على هذا الدور المصري الكبير والوحيد.
ومن المثير للأسى والحزن أن أغلب محاولات تشويه الدور المصري والتقليل منه والهجوم عليه يأتي من أصحاب القضية ومن المناضلين والمتاجرين بها والمتكسبين منها سواء حماس أو حتى من بعض قادة السلطة الفلسطينية الكل يتاجر بالقضية وبالشعب وبالأرض ومن عشرات السنين ومنذ أيام الزعيم ياسر عرفات الذي كان يجاهد ويناضل بالقبلات والأحضان وبعبارات شعبوية رخيصة لا قيمة لها سياسيا ولا ثمن لها دوليا يتكسب من القضية ماليا ودوليا أكثر من القضية والأرض هكذا كان طوال حياته وبشهادة شخصيات خليجية وعربية ودولية وحتى فلسطينية كان ياسر عرفات يتهرب من الحلول الجذرية للقضية الفلسطينية وشهادة الأمير بندر بن سلطان حاضرة حينما قال على لسانه : ” حينما توصلنا لاتفاق بخصوص القضية الفلسطينية ياسر عرفات اختفى شهرا بطائرتي حتى ضاعت مبادرة الحل ” هكذا كان نضال أبوعمار وبعد وفاته لم يستطع قادة المنظمة أن يتعرفوا على حساباته المالية السرية التي كانت موجودة في بنوك سويسرا وأوربا وأمريكا باسمه وباسم زوجته سهى عرفات والتي رفضت أن تفصح عن كل هذه الأموال ولا عن حجمها وفوق ذلك خصصت لها المنظمة راتبا شهريا ضخما من الدولارات تعيش بها هي وابنتها في أفخم وأرقى الدول الأوربية وأكمل المسيرة الرئيس محمود عباس أبو مازن والتي دائما ما تضبطه الكاميرات نائما في مؤتمرات القمة العربية يناضل بالنوم أكثر ما يناضل باليقظة وابنه يعيش في إحدى الدول الأوربية ويرتدي أفخم وأغلى الملابس والماركات العالمية ويقضي أوقاته على شواطئ أوربا ويعيش حياة الأثرياء والأغنياء في العالم وهكذا يتوالى ويتراكم الصدأ على القضية الفلسطينية ما بين الصفقات السياسية مع إسرائيل من أصحاب وقادة القضية أو عبر عقد الصفقات المالية مع بعض رعاة القضية من العرب والخليجيين .
أما على مستوى الشعب الفلسطيني وخاصة الذي يعيش في الخارج في أوربا وأمريكا ودول الخليج والذي يعمل معظمه في مجالات التجارة والمقاولات والأعمال الحرة والوظائف المالية الرفيعة وامتلاك الشركات الكبيرة والذي قد يصل تعداده إلى ما يزيد على عشرة ملايين فلسطيني يحمل أكثرهم جنسيات الدول الأوربية والأمريكية التي يعيشون بها فلم نسمع منهم طوال هذه السنين عن رغبتهم الصادقة في التخلي عن جنسياتهم الأوربية والعودة إلى فلسطين للمقاومة ومحاربة العدو المحتل والنضال من أجل القضية لم نسمع منهم طوال هذه السنوات الطويلة عن استعدادهم للتخلي عن تجارتهم وشركاتهم ووظائفهم وأموالهم الكثيرة والعودة إلى فلسطين للنضال من أجل القضية بل لم نسمع منهم أنهم خصصوا حصيلة تجارتهم وأموالهم وأرباحهم السنوية لدعم النضال والكفاح أو حتى لتمويل قوافل المساعدات الإنسانية لأهلهم في غزة ولن يفعلوا . هذه هي القضية وهذه صورة السلطة وصورة الشعب صاحب القضية
وإذا أتينا إلى حماس فلن تجد الصورة أفضل من صورة السلطة الفلسطينية والفلسطينيين في الخارج فحماس التي انقلبت على المشروع الوطني الفلسطيني عام 2007 وارتكبت أفظع الجرائم في حق الفلسطينيين من فتح من أول جمع أتباع فتح وإطلاق النار عليهم من المسافة صفر إلى إلقاء الشباب والرجال من الطوابق العليا وإحراق المقرات والمؤسسات الفلسطينية الرسمية في جرائم لا تقل في قسوتها وفظاعتها عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل أكثر من 700 قتيل وآلاف الجرحى كل ذلك بسبب الخلاف على حكم غزة حتى تمكنت حماس من الاستقلال بحكم غزة وانفصلت بها تماما عن حكم السلطة الفلسطينية وأكملت حماس بعد ذلك تواصلها مع قادة إسرائيل حتى يستقر لها الحكم في غزة ولو كانت إسرائيل تدرك مدى خطورة حماس عليها في المستقبل لما سمحت لها إطلاقا بأن تستولي على غزة ولكن إسرائيل أدركت تماما أن مشروع سيطرة حماس على غزة سيكون في مصلحتها تماما وفي مصلحة مشروعاتها التوسعية المستقبلية لذلك سمحت لها بالسيطرة على غزة بل وقدمت لها الدعم والمساندة وهو ما تحقق لحماس وإسرائيل وأكدته الأحداث التي نعيشها اليوم من عملية طوفان الأقصى ومرورا بالمفاوضات الكرتونية والهزلية بين حماس وإسرائيل وكأن حماس تعطي لإسرائيل كافة المبررات لكي تحقق إسرائيل ما تريده من السيطرة على كامل مساحة غزة وتحقيق أوهام إسرائيل التوسعية الكاذبة حتى مصر التي قدمت كل شيء لغزة ولكل فلسطين خرجت عليها حماس وكتائب الغدر والخيانة واغتالت ضباطها وجنودها وشبابها حتى سيارات الشرطة قاموا بسرقتها وتهريبها من خلال الأنفاق إلى غزة .
وتبقى مصر صامدة قوية تقف بمفردها في وجه كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تريد النيل من سيادتها والمساس بأرضها وترابها تقف مصر بمفردها لتناضل وتقاوم وتحارب على مختلف الأصعدة الدبلوماسية والسياسية وإن لزم الأمر العسكرية في سبيل عدم تصفية القضية الفلسطينية ومنع تهجير الفلسطينيين تقف مصر بمفردها في الوقت الذي تكسب فيه الجميع من المتاجرة بالقضية وحققوا ثروات طائلة من أول أصحاب القضية والمتاجربن بها وطنية ودينا إلى بعض دول الفاست دول التي حاولت أن تحقق مكاسب نوعية تحاول أن تتطاول بها لتصل إلى قامة وقيمة ومكانة دور مصر ومزاحمتها في تأثيرها .
تقف مصر وهي الوحيدة التي صرفت وخسرت مليارات الدولارات على القضية الفلسطينية منذ بدايتها وحتى اليوم وخسرت مسيرة سنوات من النضال والحروب والأموال والشهداء في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية تقف مصر تدافع وتحارب بشرف في زمن عز فيه الشرف
ومع توالي الأحداث خلال الأيام القليلة الماضية من رفض النتن ياهو للمقترحات المصرية القطرية بخصوص وقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات إلى غزة وإصراره على تنفيذ مشروعه التوسعي بدعم أمريكي ترامبي في اجتياح غزة وإجبار أهلها على التوجه نحو الحدود المصرية في محاولة لإجبار مصر على قبول التهجير القسري من خلال اقتحام الحدود المصرية وإيصال الأزمة إلى حافة الهاوية هنا تخرج كل السيناريوهات إلى النور وتكون كلها مطروحة على الطاولة من أول نجاح المساعي الدبلوماسية والسياسية في اللحظات الأخيرة لنزع فتيل الأزمة وعودة الجميع إلى مائدة المفاوضات وانتهاء بعملية عسكرية محدودة للدفاع عن السيادة المصرية والتعبير عن هيبة وقوة وسيادة مصر وفي هذه الحالة من المؤكد تماما أن الشعب المصري سيقف كله وعن بكرة أبيه في صف قيادته ملبيا النداء ومستعدا للتضحية بروحه وماله وكل ما يملك في سبيل الدفاع عن عزته وكرامته وأرضه وسيادته ومستجيبا لأوامر قيادته .
شعب مصر بكامله وبكل افراده وفئاته سيتحول إلى جيش عند الإحساس بالخطر على بلاده وأرضه وسيادته شعب سيتحول إلى جيش أوله في بلاد الأعداء وأخره عند بلده وقيادته وإذا أعلنها النتن ياهو بأنه مرسل من الرب كما يدعي كذبا وزورا لبناء إسرائيل الكبرى فسيكون قد ارتكب الخطأ الأكبر حينما تواجه دعوته الكاذبة بما يقابلها من الطرف المقابل بدعوة حي على الجهاد وتختلط دعوة الجهاد والدين بدعوة الدفاع عن الوطن والوطنية وعندها ستتغير كل قواعد اللعبة في المنطقة والعالم وهو ما يجب أن تحذر منه أمريكا وإسرائيل وأوربا وقادة العالم لأنهم إذا أشعلوا فتيل النيران لن يستطيعوا أن يطفئوها وسيعود الجميع إلى نقطة الصفر وابعد منها بكثير ولكن ما يعنينا أن مصر بشعبها وجيشها قادرة وجاهزة ومستعدة تماما للدفاع عن أرضها وحدودها وسيادتها