مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: يا مُرِّك يا نِعمة!!

0:00

في المسلسل الشهير ذئاب الجبل (عُرِض عام 1993م) كانت الفنانة القديرة “إنعام سالوسة” (1939) تقوم بدور (نِعمة) زوجة (علوان البكري) الفنان “عبد الله غيث” (1930م _ 1993م)، وكانت كلما انزعجت من أمرٍ ما أو حدث ما تتوجس منه خيفةً أو ما لا ترضاه، تقول: (يا مُرِّك يا نِعمة)؛ دلالةً على شعورها بالمرارة لهذا الحدث.

أما (نِعمة) بطلة هذا المقال فهي سيدة متعلمة، ساقتها الظروف لتحويل أبنائها من مدرسة لمدرسة، كانت (نِعمة) قد قدمتْ لابنها في مدرسة تابعة لإدارة السلام التعليمية، وبالتالي مديرية التربية والتعليم بالقاهرة محل إقامتها، ولما كانت (نِعمة) من فريق المنحوسين، ففجأة ومن دون مقدمات وبعد التقديم بسنوات، صدر قرارٌ بأن تتبعَ المدرسة إدارةَ العبور التعليمية، وبالتالي أصبحت تابعةً لمديرية التربية والتعليم بالقليوبية ومقرها بالطبع مدينة بنها!!

حين اصطدمت (نِعمة) بالرغبة في التحويل وجدتْ نفسَها تتنقل من مدرسة لمدرسة ومن إدارة العبور التعليمية ومديرية التربية والتعليم ببنها، إلى الإدارة الجديدة بالقاهرة ومديرية التربية والتعليم بالقاهرة، وتساءلتْ بينها وبين نفسها: (ما كل هذه الدوخة)؟! قائلةً القولَ الشهير: (يا مُرِّك يا نعمة)!! وإذا كانت مدينة بنها قريبةً من القاهرة، فماذا يفعل الشخص الذي يريد التحويل بين محافظة في الصعيد ومحافظة في وجه بحري لظرفٍ ما؟! لماذا نُكبِّده كلَّ هذا العناء؟! لماذا لاستخراج بيان نجاح لطالب في الشهادة الإعدادية مثلًا نذهب إلى المديرية لتقديم طلب بعد دفع قيمة حوالة في البريد، ثم نعود إلى المديرية بعد بضعة أيام لاستلام البيان؟! ولماذا يقف المواطنون في الشارع أمام شُبَّاكٍ قذِر ويقومون قبلها بتصوير ورقة الحوالة البريدية صورتين تُرفقان بالطلب؟! لماذا نَستخرج ما يُسمى بالتسلسل الدراسي؟!

تساءلتْ (نِعمة): ما كل هذا العبث؟! ما هذا الوقت المُهدر؟! وما هذا الورق المُهدر؟! وما هذا العناء الذي نبذله في غير محلِّه؟! وختمتْ أسئلتَها بجُملتها الشهيرة: (يا مُرِّك يا نِعمة)!!

جلست (نِعمة) تفكر في حلولٍ لهذا العناء، ولماذا الرغبة في لعبة (دوخيني يا لمونة)، مُتناسين أن راحةَ المواطن تنعكس إيجابيًّا على نفسيتِه وحُبِّهِ لوطنِه وإيمانِه به؟!

كانت صديقتُها (مُهجة) معها في هذه اللعبة لعبة التحويل بين المدارس أو (دوخيني يا لمونة)، قالت (نِعمة) لصديقتها: ما أعرفه أن كل طفل منذ ميلاده له رقم قومي، فما فائدة هذا الرقم؟! لماذا لا ترتبط شؤون المواطن بهذا الرقم، فيدخل الموظف في أي محافظة بالرقم ليعرف التسلسل الدراسي للطالب؟!! لماذا لا يتقدم وليُّ الأمر بطلب استخراج بيان النجاح عبر الإنترنت بإجراءات بسيطة تشمل البيانات الأساسية للطالب، مع دفع الرسوم المقررة إلكترونيًّا أيضًا، ويتم تحديد موعد وتاريخ للاستلام يذهب فيه ولي الأمر إن شاء، وإن شاء تصل إلى بيته مع دفع الرسوم المقررة؟! ثم لماذا في هذا النظام القائم _ الذي أرفضه وأدعو لتغييره _، لماذا لا يجلس المواطن مُعززًا مُكرمًا في مكانٍ بالأرقام بدلًا من طابور الشارع، ثم يتقدم إلى الشباك لإنجاز معاملته؟!

قالت (مُهجة): بالفعل، الحلول بسيطة للغاية لكنها تقتضي شرطًا واحدًا: أن يُفَكِّرَ المسؤولُ في راحة المواطن لا في تكديرِه والانتقامِ منه!!

زر الذهاب إلى الأعلى