مقالات الرأى

هاجر تهامي تكتب: وحدة الفراش أم ذُل العابث؟

0:00

ألم الوحدة أشد من ألم الخطيئة، فأن تكون وحيدًا، خيرٌ من أن تكون ذليلًا.

الخطيئة حق كما الفضيلة، لا وصاية لأحد على الآخر؛
فلا فضيلة إلا ويُسبقها أو يتبعها خطأ، لكن ما يفوق الخطأ فداحة، هو العبودية والاستسلام للخضوع فقط بإسم “الخوف من الوحدة”، أو تضميدًا لآلام قديمة، فتُفاجأ بإحياء جرح جديد.

كثيرًا ما تُرتكب الجرائم بإسم الوحدة، من باب سدّ ثقب بشري طبيعي، أو من مبدأ: “ما لا يُدرك كله لا يُترك كله”،ولا مانع من عابرٍ يخترق حصن الحاجة إلى الائتناس،
دون إدراك خطورة العابرين.. أولئك الذين يمرّون كأدلة زائفة.

يظنّ العابرون أنهم أصحاب القرار المطلق، باعتبارهم “فرصة” لمن خانه الزمن، فمضى في طريقه وحيدًا، ولا يعلمون أن شوكة الطريق أقوى من قشة البعير.

فآثار النزف لا تزال على طرقات الروح، تُخبر صاحبها ألا يتجاهل صراخ النفس التي طالما ذابت شوقًا للسكينة.

وأحيانًا، تُغمض عينيك عمدًا، عمّا لا تطيق، فقط خوفًا من رحيل هذا العابر الذي جاءك فخًّا، ليُعيدك إلى مذلّة الوحدة.

اعتياد الألم قد يبدو تكفيرًا عن ذنب الحسين،
لكن الحقيقة أنه مرض أصاب سكينتك في مقتل.

جنون التجربة، والرغبة في الهروب من صراعك الداخلي، يجعلانك ذليلًا أمام المجهول، الذي ربما جاء عن عمد،ليزيد من جراحك،
أو ليؤكّد نرجسيته، التي ما كان ليجرؤ أن يعيشها إلا على هشاشة روحك.

تغادر هنا وهناك، سعيا لتلك الرغبة الملحّة في الائتناس، ولا تدري أنك تبحث عن قاتلٍ متمرّس، يعرف كيف يُصيب الهدف،
إما بالقلب، أو بالجسد،
فهو مدجّج بأسلحته في انتظار تصويبٍ دقيق نحو من لا أنيس له.

عليك أن تتفقد روحك جيدًا،وأن تتيقّن من سلامة عقلك قبل أن تخوض رحلة العبودية المقنّنة التي تنفث سمومها في من ضلّ رفيقا لرحلته.

فلا تجعل من صخب الوحدة يُفقدك سكينة ما آلت إليه روحك، فجنود الروح، حين يعلنون العصيان،انتظر صراخ جسدك من الآلام، وجنون عقلك من الحاجة، وأنين قلبك من الفقدان،حيث أنهي العابر مهمّته أمام ضعفك البيّن بإسم الوحدة.

والآن اخلُد إلى فراشك، تحسّس وسادتك، وانثر عطرك المفضّل،وأرح قلبك،ودَع روحك تسكن جسدك بسلام السكينة، فَوحدة الفراش أهون من صخب العابر المتطفّل على جسدٍ ما كان يعرف للكون خطية.

زر الذهاب إلى الأعلى