قناة السويس: من قرار التأميم إلى عنوان السيادة والتنمية بقلم:أنس الوجود رضوان

في 26 يوليو من عام 1956، شهدت مصر خطوة جريئة أسهمت في إعادة كتابة تاريخ الملاحة العالمية، حين أعلن الزعيم جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس. لم تكن هذه العملية مجرّد انتقال ملكية؛ بل كانت رسالة صمود وإرادة تؤكد قدرة الشعب المصري على استرداد حقوقه وتحمل مسؤولية إدارة هذا الممر الاستراتيجيّ.
صمود تاريخي وإنجازات مستمرة
منذ ذلك القرار التاريخي، أثبتت قناة السويس قدرتها على مواجهة أصعب التحديات. فقد تجاوزت أزمات سياسية وجيواقتصادية على مدى عقود، ونجحت في الحفاظ على تدفق حركة السفن والبضائع بين الشرق والغرب بأعلى مستويات الكفاءة.
“القناة لا بديل لها”
يؤكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، مشدّداً على أن الطريق البحري هو الأقصر والأمن، وما يزال الخيار الأول للتجارة العالمية.
إدارة وطنية وكفاءة احترافية
تُدار قناة السويس اليوم بالكامل بكوادر مصرية مؤهلة، تعمل وفقًا للمعايير الدولية لخدمة الملاحة والاقتصاد العالمي.
حفر بأيادٍ مصرية خالصة: بدايةً من أعمال الحفر الأولى وحتى مشروعات التوسعة الحديثة.
التطوير المستمر: يبرز مشروع القناة الجديدة (2015) كأحد أبرز محطات التطوير، حيث ضاعف من القدرة الاستيعابية وسرّع عبور السفن.
المرونة في الأزمات: أثبتت الهيئة قدرتها على التعامل مع أي طارئ، بما يضمن انسيابية الحركة رغم التقلبات الجيوسياسية.
رسائل مصرية للعالم
في كل احتفال بذكرى التأميم، ترسل هيئة قناة السويس رسائل واضحة:
1. سيادة وطنية: القناة ترافقها راية مصر في كل لحظة، وتخضع لإدارتها وفق المواثيق الدولية.
2. دور اقتصادي عالمي: لا تقتصر فوائدها على الاقتصاد المصري فحسب، بل تدعم التجارة الدولية بأكملها.
3. نموذج ناجح: تعتبر القناة مثالاً يحتذى في الإدارة الاستراتيجية للمرافق الحيوية.
وشهدت الاحتفالية مشاركة مميزة من اللواء أركان حرب دكتور سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، الذي قدّم عرضًا تحليليًا شيقًا استعرض فيه الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس عبر العصور، ودورها المحوري في تشكيل معالم الدولة المصرية الحديثة.
وأكد اللواء فرج أن القناة لم تكن أبدًا مجرد ممر مائي، بل كانت ولا تزال عنصرًا فاعلًا في وجدان الأمة المصرية، ومسرحًا لصراعات وتحديات وانتصارات، بدءًا من صراع الاستعمار، ومرورًا بقرار التأميم التاريخي في 26 يوليو 1956، وصولًا إلى دورها الراهن كركيزة للأمن القومي المصري ومصدر رئيسي للدخل القومي.
وأشار إلى أن قناة السويس لعبت أدوارًا حاسمة في مراحل الحرب والسلام، ولا تزال اليوم تمثل نموذجًا لإدارة ناجحة لمرفق دولي سيادي، يعكس قوة الدولة المصرية الحديثة.
من التأميم إلى المستقبل
ويُعد قرار التأميم الذي اتخذه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1956 لحظة فاصلة في تاريخ مصر والعالم، إذ أكد استقلال القرار الوطني، واسترداد مصر لحقها المشروع في إدارة قناة حُفرت على أرضها وبسواعد أبنائها، رغم ما تضمنه من تحديات كبرى واجهها الشعب المصري بصمود أسطوري.
واليوم، تُكمل القناة رحلتها بثبات وثقة، بعد أن أثبتت في كل مرحلة من مراحل تاريخها أنها ليست مجرد معبر مائي، بل مشروع وطني دائم التجدد، يعكس طموح المصريين وقدرتهم على صناعة المستحيل.
وستبقى دومًا تحت راية السيادة المصرية، وقبلة للعالم لتربط بين القارات وعنوانًا للتعاون الاقتصادي العالمي.