Uncategorizedمقالات الرأى

مختار محمود يكتب: المثقف الإيجابى

0:00

قبلَ أن نضع تعريفًا لـ “المثقف”، يجب أن نعرف أولاً مفهوم “الثقافة”. “الثقافة”.. تعنى مجموعة المعارف الإنسانية التي يكتسبُها الإنسانُ وتؤثِّرُ في تفكيره وفي فهمه للأشياء، وفي سلوكه وأخلاقه، وعلاقته بالله وبالمجتمع والحياة، مثل: معارف العقيدة والتاريخ والفقه والآداب والقانون والسياسة والأخلاق وعلوم النفس والاقتصاد والاجتماع وهكذا.
أمَّا “المثقفُ”.. فهو الإنسانُ الذي يكتسبُ نصيبًا من هذه العلوم وغيرها من المعارف الإنسانية، وتؤثِّرُ في سلوكه تأثيرًا إيجابيًا، وتُعظِّمُ من دوره، حتى تصلَ به إلى أن يكون “مُصلحًا”.. والسؤالُ: هل نموذج “المثقف الإيجابى المصلح” في مصر لا يزالُ باقيًا، أم اختفى، واندثرَ على غرار “الديناصورات” ومُعظم القيم النبيلة والمبادئ المثالية؟
الإجابة الموضوعية –دون جهد جهيد- تؤكدُ اندثارَ “المثقف الإيجابى المُصلح” فى مصر إلى غير رجعة؛ لأسبابٍ متنوعةٍ ومتعددةٍ، تجمعُ بين “السياسي” و”الاقتصادي” و”الأخلاقي”.
لا شكَّ أنَّ غيابَ هذه النوعية من المثقفين، مهَّد الأرض لظهور فئة مُتطفلة على الثقافة، لا دين لها سوى المصالح الشخصية وجني المنافع الخاصة، كما هيأ الظروف لتمكين جيل منحرف يجسد عبئاً ثقيلاً وسخيفًا على المجتمع.
لو أنَّ جهة مُحايدة أجرتْ تحليلَ مُحتوى لكتابات ومقالات وآراء عصابة المثقفين المفروضين علينا فرضًا وقسرًا، خلال السنوات الأخيرة، سواء فى الصحافة أو التليفزيون، لانتهتْ إلى نتيجةٍ قاطعةٍ وحاسمةٍ، وهى أنهم يتبنَون خطابًا استعلائًيًا ومنفرًا منحرفًا وعدائيًا للدين والأخلاق والأعراف، وأنَّ كتاباتهم وأفكارهم وآراءهم التي يتم تأمين وصولها من أوسع الأبواب، هى السببُ الرئيسُ فيما آلتْ إليه أخلاقُ المصريين من تراجُع وتدنٍ على جميع المستويات.

سوف تكتشفُ جهة تقييم وتحليل المحتوى، إذا ما اتَّسمتْ بالموضوعية والحياد والنزاهة، أنَّ الكثير من كتاباتِ وآراءَ المثقفين الأشاوس لا تدافع عن خُلق كريم أو سلوكٍ قويم أو فضيلةٍ أو مكرُمةٍ، فى الوقت الذى تتصدى فيه، بكل ما تملكه من أسلحة وأدوات، وبأسلوب متطرف وإقصائي للتحريض ضد الإسلام، ودعم الأفكار الشاذة والعمل على التمكين لها، والوقوف فى خندق الباطل والزيف، وسوف تجدُ كتاباتٍ مُحرِّضة على الإباحية والإلحاد و الشطط ومُخاصمة الحقِّ بجميع صوره، وتسمية ذلك: “تحرُّرًا وتنويرًا وعقلانية وانفتاحًا”.
سوف تكتشفُ هذه الجهة أيضًا أنه لا رابطَ فكريًا يربطُ بين كتابات وآراء مَن يطفو على السطح من هؤلاء المثقفين سوى إعلان النفير العام ضد أبسط مظاهر الالتزام الأخلاقي، ودق طبول الحرب على المؤسسات الدينية والعمل على تقزيمها وتهميشها، فى مقابل التمكين لمؤسسات وكيانات أخرى تسعى إلى تفكيك المنظومة الأخلاقية للمجتمع وتدميرها واستبدالها بمنظومة مغايرة قائمة على الانحلال والشذوذ والإباحية والتجرؤ على الرموز الدينية والعلمية والمعرفية والثوابت الدينية والأعراف الأخلاقية والاستهزاء بها.
المثقفون الجدد لم يعودوا أحرارًا، أصحاب رأي مستقل ومتفرد، بل يتم توظيفهم واستخدامهم وتوجيههم واقتيادهم كالقطيع؛ لتنفيذ بعض “المهام القذرة”، وأبرزها فى الفترة الأخيرة: التجرؤ على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، التحريض على الأزهر الشريف وإمامه الأكبر، التطاول على الرموز الإسلامية، فى مقابل تعظيم شأن أصحاب الأفكار المنحرفة والضالة وكل ما يتناغم ويؤدى إلى سبيل الشيطان… أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ.

زر الذهاب إلى الأعلى