الدكتور عماد عبدالبديع يكتب : ( كنوز مصر الحقيقية !)

هل شاهدت يوما على قناة ما سبيرو زمان فيلما من كلاسيكيات السينما المصرية وانجذبت الى أحداثه وأبطاله وقصته؟ هل استمعت يوما الى حديث تلفزيوني أو برنامج يجريه أحد مذيعي التلفزيون المصري المخضرمين مع واحد من قادة الفكر في المجتمع المصري؟ هل سمعت واستمتعت في احدى السهرات بعد يوم عمل الى حفلة مسجلة للتلفزيون المصري لحليم أو الست أم كلثوم أو نجاة أو وردة وغيرهم كثير من أصوات الطرب المصري الأصيل؟ أو هل تملكتك حالة من الدهشة والإعجاب والتأمل عند مشاهدتك برنامج العلم والإيمان لمصطفى محمود أو عند سماعك لخواطر الشيخ الشعراوي حول القرآن الكريم؟
هل تشعر بحالة عجيبة وحنين ينقلك الى الماضي عند سماع الأذان بصوت الشيخ محمد رفعت، ومدفع الإفطار، وبابا عبدو، وعمو فؤاد، وحواديت الف ليلة وليلة، وفوازير رمضان … وغيرها الكثير والكثير؟ الحقيقة فإن الإجابة عند أغلبنا نعم …
إنها في الحقيقة كنوز ماسبيرو يا سادة! تلك الكنوز التي لا تقل أهمية عن الكنوز الأثرية الأخرى التي تركها أجدادنا العظماء من أثار ومعابد وأهرامات، والتي ظلت شاهدة على ما وصل إليه قدماء المصريين من تقدم وحضارة قبل أن يبدأ التاريخ في سرد حكايته .
ان هذه الكنوز التي تركها جيل كامل من الرواد الأوائل، الذين كان لهم تأثير في كافة مجالات الحياة، والذين كانوا نجوما في ميادينهم، والذين أثبتوا بحق أن مصر ولادة في كافة مجالات الحياة، في الأدب، وفي السياسة، وفي الاقتصاد، وفي العلم، والفكر الديني، وفي الفن والطرب، والرياضة …
كان لهذا التراث الدور الفاعل في تشكيل الهوية والثقافة المصرية لأجيال وعقود مضت، وكان له الدور الكبير في إثراء وجدان المصريين، حيث يعد ماسبيرو منارة التنوير منذ أن تم إطلاق البث الإذاعي والتلفزيوني في مصر .
ويحوي ماسبيرو تاريخ المنطقة بالكامل موثقا بالصوت والصورة، وكان شاهدا على جميع أحداث مصر التاريخية ، ويضم تسجيلات لمشاهير القراء، وخطب للملك فؤاد والملك فاروق، والزعماء السياسيين وخطب الرئيس عبد الناصر كاملة ، وتسجيلات تاريخية نادرة غالية في الأهمية!
إننا يجب أن نشجع كل جهد تبذله الدولة للحفاظ على هذاد التراث وترميمه، بل ويجب إسناد هذه المهمة الى محترفين وشركات متخصصة ، حتى تستفيد منه الأجيال القادمة والنشء في الوقت الذي نعاني فيه من ضياع القيم، والاستخفاف بعقول الجمهور ببرامج المقالب وأفلام البلطجة وأغاني المهرجانات!