عبد المعطى أحمد يكتب: المولد بدعة لكنها حسنة
“مولد النبى بدعة”و”حلاوة المولد بدعة” عبارات دائما مايبدأ بها المتشددون فى ترديدها, ونشرها كل عام مع بداية ربيع الأول شهر ميلادالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
وتزامنا مع احتفال المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها بذكرى ميلاد نبينا , نجد فريقا من المحرومين لاهم لهم إلانشر فتاوى متشددة تقضى بتحريم الاحتفال وشراء” حلاوة المولد”, وإظهار السرور بميلاد خير خلق الله, وخاتم الأنبياء والمرسلين على الرغم من أن جمهور علماء المسلمين وأكابرهم قد أجمعوا على استحسان الاحتفال بمولده وإظهار الفرح به0
لقد نسى هؤلاءالمتشددون أن أول من احتفل بالمولد الشريف هو صاحب المولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بصيامه يوم الإثنين, حيث قال حينما سئل عن صوم يوم الإثنين:”ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل على فيه” رواه الإمام مسلم وغيره, فالاحتفال بالمولد”بدعة حسنة”, وقد استخرج أمير المؤمنين فى الحديث الحافظ ابن حجر العسقلانى لعمل المولد النبوى أصلا من السنة النبوية المطهرة, واستخرج الحافظ السيوطى أصلا ثانيا0
ولايصح أن يقال كل شىء لم يفعله الرسول سواء وافق شرعه أم خالفه فهو مردود لا بل لابد من التفصيل, لذا فإن إمامنا مجدد القرن الثانى الهجرى محمد بن إدريس الشافعى رضى الله عنه أوضح أن هناك أموراأحدثت توافق الكتاب أو السنة أو الأثر أو الإجماع فهى بدعة حسنة, كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد ان جمع الناس على صلاة التراويح على إمام واحد:”نعمت البدعة هذه” رواه البخارى.
إن علماء المسلمين ألفوا كتبا ومصنفات حول المولد النبوى الشريف والاحتفال به, حتى ان الإمام الحافظ ابن دحية جاء من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بمدينة أربيل سنة 604 هجرية فوجد ملكها يعتنى بالمولد, فألف له كتابا وسماه”التنوير فى مولد البشير النذير”, وتوالى الحفاظ والعلماء على التأليف فى قصة المولد, فألف شيخ الحفاظ العراقى كتابا فى المولد سماه”المورد الهنى فى مولد النبى”, والإمام السيوطى ألف كتابا بعنوان”حسن المقصد فى عمل المولد”, فالعلماء والفقهاء والمحدثون والحفاظ كالحافظ العسقلانى والحافظ السخاوى والحافظ السيوطى وغيرهم كثير حتى علماء الأزهر كمفتى الديار المصرية الأسبق الشيخ محمد بخيت المطيعى وكل من جاء بعده من المفتين حتى علماء لبنان والشام كمفتى بيروت السابق الشيخ مصطفى نجا رحمه الله استحسنوا هذا الأمر واعتبروه من البدع الحسنة فلاوجه لإنكاره, بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ماشمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لاينقص من أجورهم شىء”.
أما حلاوة المولد ومظاهر الاحتفال, فيحتج هؤلاء المتشددون بأنها بدعة لأن أول من فعلها” العبيديون” الشيعة على حد زعمهم, رغم أن كتب علماء أهل السنة والمؤرخين ومنهم الإمام السيوطى وابن كثير والشوكانى وابن خلكان وابن دحية والذهبى وغيرهم قد أكدوا أن أول من احتفل بالمولد النبوى الشريف بتلك المظاهر هو حاكم أربيل التى تقع فى شمال العراق حاليا الملك المظفر أبو سعيد كوكبرى بن زين الدين على بن بكتكين والذى وثقه علماء السنة بأقوالهم, ووصفوه بأنه كان متواضعا خيرا سنيا يحب الفقهاء والمحدثين كما قال الذهبى: ” وكان يعمل المولد الشريف فى ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا كما قال ابن كثير, فهؤلاء الذين يحرمون الاحتفال بالمولد وشراء الحلوى لأن العبيديين هم من كانوا يفعلون ذلك استندوا فى ادعائهم إلى نقل وحيد عن” القزوينى” المتوفى سنة 845 هجرية, وضربوا بأقوال الأئمة والعلماء والمؤرخين عرض الحائط لأنه لم يأت على هواهم.
نعم المولد بدعة لكنه بدعة حسنة, لها حلاوتها وفضلها, فالذين يحرمون الاحتفال بالمولد محرومون من حب سيدنا محمد, ومشكلتهم أنهم يريدون من الناس أن يتركوا كل مايتعلق بحب النبى كالاحتفال بمولده وزيارته ومدحه وصنع وشراء الحلوى وإدخال السرور على الأهل والناس, فكل ذلك يشير إلى تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم إلى القدر الذى يستحقه, وهذا ليس غلوا ولاتفريطا, ألم يقرأوا قول الله سبحانه وتعالى فى سورة الفتح:”إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرالتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا”