مقالات الرأى

مروان مصطفى يكتب: ماذا فعلت يا كزبره …!!؟

كانت صدمتي شديده عندما شاهدت فيديو انتشر على الانترنت لقيام نقابه المهن الموسيقيه بالتحقيق مع المطرب ( كزبره ) والذي اهان فيه العالم الجليل الدكتور احمد زويل في فيديو كليب أغنيته الجديده (علي الطلاق انت كذاب ).
وللعلم انا لم – ولن – أسمع أو أشاهد هذا الشخص ولا اعرف مؤهلاته الفنيه التي سمحت له باهانه احد القلائل الحاصل على جائزه نوبل العالمية .. واعتقد انه هو ومن كتب أو لحن أوأخرج هذا العمل الفني المسيئ لا يعرفوا شيئا -حتي – عن هذه الجائزه .
وقبل ان أوجه شكري للنقابه لقيامها بالتحقيق مع هذا الشخص – وهوأضعف الايمان – دعوني أسالهم .. عن كيفيه منحهم تصريحا بالغناء لهذا الشخص ..؟ وكيف حصل علي عضويه النقابه ؟ ومن سمح له بهذا الأسفاف ..؟؟
…شوفتوا الزمن اللي احنا فيه ..!! نحن في زمن أغبر.. ولا أعرف من المسئول تحديدا عن هذا الانحدار الذي وصل اليه فننا المصري العريق .
هل هي اجهزه الدوله المسئولة عن الثقافه والفنون ..؟ والتي يفترض مسئولياتها الكامله عن الارتقاء بالفن المصري ، وحمايته ، واحياؤه ، والحفاظ على قيمنا وتراثنا الفني العظيم..؟ وهل كان تقاعسهم او غيابهم عن هذا الدور يرجع الي سوء اختيار القائمين والمسؤولين عن ذلك من أصحاب الجمود الفكري ، وفاقدي الاهليه الثقافيه ، والحس الفني.. وهم من تولوا مناصبهم ووظائفهم عن طريق القوى العامله او المحسوبيات والوساطه..
ام ان السبب الحقيقي يرجع الى أن الفن اصبح هو الباب الاوسع للحصول على المكاسب الماديه السريعه ، والشهره العريضه .. بعدما اغلقنا غالبيه دور السينما والمسارح وحولناها الى محلات تجاريه ..وجمدنا دور الثقافه وبيوتها.. وعطلنا الانشطه الفنيه والادبيه في مدارسنا وجامعاتنا كلها… و لهذا اصبح ( الفن وظيفه من لا وظيفه له ) .
كما ان غياب الاشراف الفني المتخصص للنقابات الفنيه والموسيقيه المختلفه لعب دورٱ كبيرا فيما وصلنا اليه .. بعدما شغلتهم صراعاتهم الانتخابيه ، وخلافاتهم الفنيه ، ووجاهه مناصبهم النقابيه ، ولم يضعوا ضوابطا حقيقيه ، ومعاييرا مجرده ..لعضويه
تلك النقابات ، وتفشت فوضى الاستثناءات في منح تصاريح العمل المؤقتة لعديمي الصلاحيه.
ولاتحدثوني عن فشل اجهزه الرقابه علي المصنفات الفنيه وموظفيها بسبب الروتين ولعدم تأهيلهم فنيا وثقافيا اوحتي اداريا لهذا العمل .
وبكل صراحه وآسف كان لغياب الاعلام الفني الواعي المتخصص ..وانشغال كبار مفكرينا ومثقفينا ونقادنا بأمورأخري ، واهتمام وسائل الاعلام المختلفه بالاخبار الشخصية للفنانين ، واسرار الزواج والطلاق كان له الأثر السلبي الأكبر فيما وصلنا اليه .
لقد كنا عاصمه الفنون والثقافه في العالم العربي .. وكانت اجيالنا الذهبيه من الفنانين يتم استقبالهم استقبال العظماء عند سفرهم للخارج .. وكانت الدراما والاغاني المصريه عاملا رئيسيا في توثيق الصلات والروابط بين الشعوب العربيه ، ولقد فرطنا بكل سذاجه في تراثنا الفني ، ورصيدنا الدرامي والغنائي والمسرحي الهائل .. وبعناه للخارج بأبخس الاسعار، ونعاود شراؤه الاان بأغلاها .
وبدلامن ان نخجل من أنفسنا، ونواجه مقصرينا ونحاسبهم – وكعادتنا دائما – سارعنا بانتقاد ( الشقيقه السعوديه ) التي قامت باحياء تراثنا الموسيقي والغنائي .. وقدمته بصوره مبهره ، واساليب جديده ، وتكنولوجيا حديثه .. بل وكرمت فنانينا ومطربينا وملحنينا العظام واعمالهم الخالده ولم يعجبنا ذلك ووجهنا أسهم النقد لمسئوليهم ، وأيضا لفنانينا الذين شاركوا في تلك الحفلات التي اعادتنا الي الزمن الجميل وايامه.. والفن الاصيل وسماعه ..وشهدها جمهور سعودي راقي ..تذوق الفن المصري وعشقه .. وتفاعل وتمايل بكل الحب والاحترام مع نجومنا .. وهوما استمتعنا به نحن و الملايين على الشاشات العربيه .
واحمد الله واشكره .. انني وكثيرا جدا غيري شعرنا بالسعاده الغامرة لما شاهدناه وسمعناه خلال فاعليات مهرجان العلمين الفني.. (والذي لا اعلم تحديدا الجهه التي تنظمه بتلك الحرفيه والروعه والبساطه ) والذي امتعنا جميعا ..واثلج صدورنا..وخفف عنا حراره الصيف الشديدة.. وافرغ الكثير من همومنا و ضغوطات حياتنا اليوميه.
وارى انها باذن الل..ستكون بدايه مشرقه ومتفائله لمستقبل ثقافي مبشر،وفكر فني متجدد ومتطور.. سيحرك المياه الراكده في مجتمعنا ..وسيتغلب علي الجمود الفكري والثقافي الذي نعيشه.

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى