مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : الانتخابات البرلمانية والأمل الأخير

0:00

تابعنا جميعا الضربات العسكرية بين إيران وإسرائيل والتي استحوذت على اهتمام غالبية الراي العام في مصر وسط موجة كبيرة من التحليلات العسكرية والسياسية من قبل المتخصصين ومن غير المتخصصين بداية من الخبراء الاستراتيجيين الحقيقيين ونهاية بسائق التاكسي وبمن يجلس بجوارك في القطار والميكروباص وحتى بمن يقابك مصادفة في الشارع وبما يعكس حالة من تغيير اهتمامات الراي العام والحرص الشديد على متابعة الأحداث العالمية والأهم من كل ذلك الحرص الأشد على الفهم بل والإصرار على الفهم والذي يجبرك على أن تكون دائما حاضرا ومتابعا جيدا للأحداث ولديك قدرة كبيرة على الفهم والتحليل واستشراف الرؤية المستقبلية بقدر ما تستطيع .

كان من أهم النقاط التي توقفنا عندها كثيرا وبقدر كبير من الاهتمام والمتابعة والتحليل اختراق الجبهة الداخلية في إيران وشبكات التجسس التي وفرت للطرف الآخر المعلومات اللازمة لتحقيق التفوق العسكري على اختلاف مراحل وأيام الضربات العسكرية وكان من اللافت أيضا فشل تمزيق الجبهة الداخلية في إيران بل على العكس اتحدت جبهات المعارضة لمساندة الدولة والوقوف في وجه العدوان على بلادهم

وإذا تأملنا بكثير من التدبر والفهم أزمة غزة وانعكاسها على مصر ودور الرأي العام ورجل الشارع والمواطن فيها ومساندته ودعمه للقيادة السياسية وموقف مصر المؤيد للقضية الفلسطينية والرافض لتصفية القضية والتهجير والضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران وصمود المواطن في إيران وتماسكه تجاه الضربات التي تتعرض لها إيران نجد أن العامل المشترك والرئيسي بين الأزمتين هو المواطن ورجل الشارع والراي العام هنا وهناك

أثبتت الأزمات أن المواطن المصري هو العصب الرئيسي للمواقف السياسية للدولة بل هو الأساس والمحرك لمدى قوة التحركات السياسية للدولة المصرية ومدى فاعليتها في مواجهة المواقف التي كانوا يريدون أن يفرضوها على مصر وكما قامت الدولة المصرية بالمناورات العسكرية التي تعكس مدى جاهزية الدولة وقدرتها على الردع والمواجهة ناورت الدولة أيضا بالشعب والمواطن المصري ومدى وقوفه ومساندته للدولة المصرية

هذه المواقف الوطنية المشرفة لابد أن تستدعي إعادة تقييم وهيكلة شاملة لكل ما سوف يتم تقديمه للمواطن المصري خلال السنوات القادمة من حياة اقتصادية ومعيشية وسياسية وبرلمانية وثقافية ودينية وتعليمية ورياضية وسلوكية ومجتمعية وإذا أخذنا على سبيل المثال الاستحقاق البرلماني وهو القريب العاجل فأعتقد أن حالة الوطنية والوعي والفهم العميق من قبل المواطن لكل ما يحدث حوله وحالة الزخم في الوطنية والالتفاف حول المواقف الوطنية والمؤيدة بشدة للدولة يجب أن يقابلها على الناحية الأخرى ومن الطرف الأخر وهو الدولة والحكومة والأجهزة المسؤولة حالة من التغيير الشامل لكل منظومة أداء وعمل واختيار من يمثلون الشعب خلال الدورات البرلمانية القادمة بل يجب أن يشمل التغيير ومع كامل الاحترام والتقدير جميع من كانوا يمثلون الشعب خلال الدورات البرلمانية الماضية وأيا كانت المبررات وأسباب التغيير فقد يكون من الممكن أنهم استنفذوا طاقاتهم البرلمانية والخدمية والتشريعية والرقابية وآن الأوان للدفع بوجوه وعقول جديدة تحمل أفكارا ورؤى مستقبلية طموحة تتوافق مع مستجدات ومتطلبات العصر سواء على المستوى الداخلي والخارجي

الجميع يتمسك بالأمل في أن يرى انتخابات برلمانية تليق بالجمهورية الجديدة وتكون مكافأة وعنوانا للمواطن المصري الذي مازال هو الرهان والفيصل الحقيقي في كل المواقف المؤيدة والداعمة للدولة المصرية وما كان يصلح في الماضي لا  يصلح في العصر الحالي لأن لكل عصر أدواته ومفرداته التي تناسب المرحلة إلا إذا كنا مصرين على توقيف عجلة الزمن وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء

نعم نستطيع أن نرى وجوها جديدة في البرلمان القادم وجوها تليق بأن تكون هي الواجهة الحقيقية للحياة البرلمانية في مصر وجوها تمتلك الشفافية والخبرة والثقافة السياسية والرؤية البرلمانية والتشريعية والوعي والفكر السياسي العميق لكل ما يحدث في مصر وفي خارج مصر وتستطيع الدولة والحكومة أن تخوض هذه التجربة وتراهن عليها وتقدمها للمواطن المصري في صورة برلمانية ووطنية ومصرية مشرفة تليق بمصر المستقبل والعالم الخارجي وتليق بالمواطن المصري

 من الواجب ومن الضروري وما فرضته علينا الأحداث الأخيرة وما يترتب عليها من استشراف المستقبل تفرض علينا أن نرى تغييرا شاملا في جوانب الحياة المصرية تغييرا يتوائم مع طموحات وأمنيات المواطن المصري ويزيد من مناعته ضد محاولات اختراق وإضعاف وطينته ومصريته وتمسكه والتفافه حول قيادته وبلده وتهيئة هذا المواطن لمجابهة المستقبل بوعي وطني قوي وصامد ويليق بالدولة المصرية في أن تقدم لنفسها وللمواطن وللعالم الخارجي حياة برلمانية راقية

زر الذهاب إلى الأعلى