اللواء مروان مصطفى يكتب : الضربة الأمريكية علي ايران …ماذا بعد !!؟

من الغريب والعجيب ان الضربة الأمريكية التي استخدمت فيها ام القنابل وأحدث الطائرات المقاتلة والقاذفات والغواصات التي اطلقت صواريخها علي المواقع والمنشآت النووية الايرانية .. وهي نفس المواقع التي سبق ان ضربتها ودمرتها واجهزت عليها اسرائيل على مدار اسبوع كامل … وبالرغم من انها قد ضربت المضروب فلم نسمع حتى الان عن حالة واحدة للتسرب الإشعاعي .. وهل يعني ذلك ان إيران لا تملك اية مصادر نووية أو مواد اشعاعية ( مثلما حدث في العراق) ..ام انها فشلت في الاختراق… ام انها كانت ضربة مظهرية لإثبات الوجود ، ومجرد فرقعة اعلامية لتدمير انقاض سبق تدميرها فعلا .. اوان الايرانيين قد تمكنوا من اخلاء المواد المخصبة قبل الضربة .
لقد اثبتت تلك الضربة ان نتنياهو هو من يحكم البيت الأبيض ، وهومن يخطط ويضع السيناريوهات ، ويوزع الأدوار ويجبر ترامب علي تمثيل الدور المرسوم له .. طمعاً في حصوله على غزة كمكافأة له لاستثمارها هو واقرانه
وغابت الصين عن المشهد بالكامل.. ولم تجد ايران شريكها الاستراتيجي بوتين الذي سبق وان تحالف معها .. وهو أمر متوقع .. فعندما تواجه أمريكا واسرائيل فلن تجد بجانبك أي من اصدقائك أواشقائك أو حتى ابناء عروبتك .. واسألوا مصر ان كنتم غير مصدقين .
والسؤال الأهم والاخطر هو ماذا سيحدث بعد ذلك ..!!؟؟.
الاحتمال الأول : دعوة امريكية لإنهاء القتال و الاكتفاء بالخسائر التي حدثت للطرفين ، والذهاب للسلام الشامل واجبار ايران التفاوض ليتم مقايضتها برفع الراية البيضاء في مقابل الابقاء علي نظام الحكم ، وعدم اغتيال المرشد ، مع امكانية غض النظر عن قيامها بتوجيه بعض الضربات ( التي يتم التوافق عليها) لحفظ ماء وجه النظام الايراني وللانتقام من اسرائيل.. ويتم خلال المفاوضات تخفيف لبعض القيود المفروضة عليها ، والسماح لها باستخدام ما قد تحتفظ به من وقود نووي في الأغراض السلمية تحت الرقابة الدولية ، ومنعها من تطوير برنامج الصواريخ البالستية الذي يهدد اسرائيل ودول الخليج … والتأكيد على حرية اسرائيل الكاملة للتدخل عسكرياً اذا ما تطلب الأمر ذلك .
الاحتمال الثاني :اصرار إيران علي استعادة هيبتها ، والحفاظ علي كرامتها برفض العودة للمفاوضات وقيامها بتوجيه ضربات (هيكلية وشكلية يتم التنسيق عليها ) علي بعض المواقع والقواعد الامريكية وذلك لقيامها بخداع ايران دبلوماسياً خلال المفاوضات .. بما لا يغلق ابواب التفاوض نهائيا وبأسلوب يسمح لها بالعودة بشرف وكرامة لمائدة المفاوضات النهائية.
أما في حالة الاصرار الايراني علي العناد ، ورفض العودة للمفاوضات ،والقيام بتوجيه أي ضربات أو ردود فعل انتقامية علي المواقع أوالمنشآت الأمريكية او الأضرار بالمصالح الأمريكية مثل ( غلق مضيق هرمز ، مهاجمة قواعدها في دول الخليج ، قيام الحوثيين بقصف السفن الأمريكية في البحر الاحمر، ، قيام اذرعها بهجمات ارهابيه علي اهداف بالعواصم المختلفة ) فسيتم وقتها تغيير قواعد اللعبة ..وستقوم امريكا واسرائيل بحرب عسكرية شرسة لإسقاط النظام بالقوة (ولان هذا الأمر يستوجب دخول قوات برية لاجتياح ايران والسيطرة عليها من الداخل.. فانه يلزم خلق تحالف عسكري تشارك فيه قوات عسكرية من دول الخليج (والتي ستتحمل كافة النفقات ) ، وبعض الجيوش العربية القوية القادرة علي تنفيذ المهمة ، والاحتمال المتوقع في هذه الحالة هو الضغط علي دول الخليج للضغط علي مصر لإقناعها بضرورة المشاركة في تلك الحرب حتي تفي بوعودها السابقة لحماية دول الخليج من الاعتداءات الايرانية .
وما يؤكد ويعزز هذا التوجه هو التقرير الذي نشرته صحيفة هآرتس الاسرائيلية قبل الضربة بعدة أيام وتحدثت فيه عن عدم قدرة القوات الأمريكية والاسرائيلية وحدهما بالدخول برياً لإسقاط النظام الايراني ، والامر يتطلب ضرورة اشتراك الجيش المصري في تلك الحرب البرية لقدراته وخبراته القوية .
ولم يقتصر الامر على ذلك.. فقد تفأجنا بتصريح عجيب أطلقه الرئيس ترامب قبيل الضربة الأمريكية اعترف فيه وبغرابة شديدة بدون اي مناسبة عن قيام امريكا بتمويل لسد النهضة ، وأبدي عدم رضاه عن هذا التمويل الغبي الذي يسبب مشاكل مائية علي مصر … واحتار المحللين والمراقبين واختلفوا فيما بينهم .. حيث اعتبر بعضهم انه تصريحا يؤكد فيه للمصريين امتلاكه مفاتيح حل المشكلة ، التي لم يتمكن من حلها في فترة رئاسته الاولي .. بينما اعتبره آخرين انه مجرد تحذيراً وتلميحاً مستتراً لهم باستخدام تلك المشكلة في تضييق الخناق عليهم.
الاحتمال الثالث : تمكن عناصر المخابرات الأمريكية والاسرائيلية ، ونجاحهم في تأليب الشعب الايراني ، والقيام ببعض عمليات الاغتيالات والتفجيرات ،وتهييج الشارع الايراني ،وتحريكه للخروج وإحداث الفوضي اللازمة ، والمطالبة بتغيير النظام ، بما يمهد لثورة شعبية شاملة ، وبما يفتح الطريق لاستغلال تلك الأحداث لإسقاط النظام من الداخل دون استخدام القوة ( مثلما حدث في سوريا ) .
وفي رأيي الشخصي ان الاحتمال الاول هو الاقرب للقبول من كافة الأطراف .. فهو يضمن لإيران انتهاء الحرب ، وعدم اسقاط النظام أو اغتيال المرشد ، ويتيح لقادتها التفاخر بالانتقام وبالانتصار على اسرائيل لولا التدخل الامريكي الذي انقذها.
كما يتيح لنتنياهو التباهي بهزيمة ايران ، والتفاخر بانه الزعيم اليهودي الأوحد الذي حقق النصر المطلق على ٧ جبهات حربية في وقت واحد ، وتمكن من تدمير المشروع النووي الايراني ، وغير خريطة المنطقة تمهيداً لإعلان دولة اسرائيل الكبرى .
وحتى الرئيس ترامب سوف يعلن نفسه رجل الحرب والسلام ، والزعيم العالمي الوحيد الذي حقق السلام عن طريق الحرب ، وهوالذي انقذ العالم من كارثة نووية محققة .. (بما يؤهله لجائزة نوبل التي رشحته باكستان لها ) .
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب