راندا الهادي تكتب : المانجا …. خطر ⚠️

اعتذر عن استخدام أسلوب التورية في عنوان المقال لجذب انتباهكم ، وإن كان صادقا مائة بالمائة ، فالمانجا فعلا خطر يهدد أولادنا ونحن لا ندري … وهنا لا أقصد فاكهة المانجا التي ننتظرها من الصيف للصيف .. بل أقصد هنا أفلام المانغا أو المانكا اليابانية المصورة .
أين بدأت معرفتي بالمانغا اليابانية ، عندما كنت مع ابنتي في الدورة الماضية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ، وجدتها تطلب مني الذهاب لصالة محددة لأن بها كتب المانغا .
في البداية اعتقدت إني أخطأت في سماع الكلمة ، لكن ابنتي أعادت على أذني الاسم بكل وضوح ( المانغا يا ماما ) ، وكأي أم مصرية استفزني أن يؤلفوا كتبا للمانجا دون كل الفواكه ، ما الضرر في التفاح والبطيخ ؟ !! هل الفراولة مثلا قصرت معنا في شيء ؟!!
وتوجهنا إلى الصالة المرادة وكلي شغف لأرى كتب المانغا أو ( المانجا كما اعتقد أنا ) ، وفجأة وجدت نفسي وابنتي أمام أرفف طويلة لإحدى دور النشر غير المعروفة تبيع كتبا مصورة تشبه إلى حد كبير مطبوعات تان تان والأبطال الخارقين ، وإن تميزت باللون الأبيض والأسود واستخدام محدود جدا للألوان … ما هذا..! هناك فعلا كتب للمانغا !! وإثر الإفاقة من صدمة أو سمها – إذا شئت – دهشة أن ابنتي تعرف أمرًا لا أعرفه ، بدأت رحلتي مع ثقافة المانغا اليابانية .
وجدت أن تاريخ المانغا يرجع إلى مخطوطات تعود إلى القرن الثاني عشر ، ويُعتقد أنها تمثل أساس أسلوب القراءة من اليمين إلى اليسار في اليابان ،فهي تعد ظاهرة اجتماعية أصيلة في المجتمع الياباني ، تجدها في كتب وأفلام ومسلسلات مصورة تتحدث في (الرومانسية، المغامرات، الخيال العلمي، الكوميديا، إلخ) ، كما تتوجه إلى كل شرائح المجتمع على السواء، وتنقسم إلى أنواع وفقا للفئة العمرية المستهدفة .
غزت المانغا المجتمعات الغربية في بداية الثمانينيات، مع موجة اقتحام (الرسوم المتحركة اليابانية) لشاشات التلفزيون الأوروبية ، حيث لاقت رواجًا كبيرًا في أوساط الشباب على الخصوص.
وبسرعة الصاروخ أصبحت المانغا من أنجح التجارب في مجال القصص المصورة والأنمي على الصعيد العالمي ، إذ أن عائدات المانغا الأسبوعية في اليابان، تعادل العائدات السنوية لصناعة القصص المصورة الأميركية .
وهنا تكمن الخطورة يا سادة فهذه القصص المصورة منها ما يفتح الباب مبكرا أمام علاقات غير سوية بين الأولاد والبنات ، ومنها ما يتخصص بالجنس فقط كأفلام البورنو .
هذا إلى جانب الغزو الثقافي فنحن في المجتمعات العربية مازلنا نعاني من الغزو الثقافي الغربي ، خاصة ما يمس منظومة المعتقدات والأخلاقيات لدينا ، لتخرج علينا اليابان بالمانغا وما تزخر بهامن قيم وأخلاقيات ومعتقدات لهذا المجتمع القابع في أرخبيل من الجزر بالمحيط الهادي .
ووسط هذه الدوامة التي عصفت برأسي كأم وعاملة بمجال الإعلام ، وجدتني أمام سؤال خطير ، ألا وهو ( أين نحن من كل هذا ؟ ) ، هل عجزنا وتقطعت بنا السبل عن إيجاد آلية لإيصال ثقافتنا ومنظومة القيم لدينا إلى العالم ؟ … وهل نحن مستعدون لمواجهة ثقافة المانغا اليابانية التي تنتشر كالنار في الهشيم وسط شبابنا وبراعمنا الصغار ؟ .
ولحين الإجابة على هذه التساؤلات ، أيتها الأم وأيها الأب تأكدوا دوما من المحتوى الذي يشاهده أولادكم ، خاصة إذا التقطت آذانكم اسم (المانغا)
وسط الحديث …. كما حدث معي .