مقالات الرأى

محمد العسيرى يكتب: عودة عبد الله النديم

اشياء صغيره تحدث في هذا العالم تسعدني… ربما غيري لا يفعل… لكنني من هولاء البشر اللي بيتلككوا للفرح… ومن اسباب هذا الفرح ما اعلن عنه منذ ايام قليله عن مبادره جديده لاحياء المسرح المدرسي عبر تعاون مشترك بين وزارة التعليم والشركه المتحدة.
الخبر يبدو عاديا بالنسبه للبعض… ويبدو تافها في ظل اوضاع اقتصادية طاحنه تحاصر معظم الخلق… مسرح ايه وتلامذة ايه ده اللي انت فرحان بيه… اعرف هذه الكلمات جيدا واقدرها… وادرك ان بعضهم وفي ظل ما يعانيه ينسي انه لا مستقبل ولا حل لازمات الاقتصاد بدون علم… ولا مستقبل للمدارس دون تلاميذ بتفهم مش بتحفظ… وان معظم مشاكل هذا العالم العربي منذ سنوات سببها الرئيس هوه غياب الفهم… احنا حافضين مش فاهمين يا حج ربما لا يعرف البعض منا ان مدارسنا في وقت مبكر جدا عرفت المسرح المدرسي… عرفت استخدام الفنون في طرق التدريس… في العام التالي مباشرة لافتتاح الاوبرا المصريه ايام الخديوي اسماعيل.. بالتحديد عام 1870.
عرفت مدرسه مصريه وعن طريق مدرس اسمه لويس فكره المسرح المدرسي… يومها قدم الرجل روايه اسمها ادونيس عبر طلاب مدرسته… وقتها كان هناك عدد من المدارس التي تحمل اسماء البلاد.. الفرنسيه… الانجليزيه… الاسرائيليه… نعم كان هناك مدرسه اسرائيليه… وكان التلاميذ ولمدة عشر سنوات يقدمون هذه المسرحيات في وقت مبكر جدا من تاريخ هذا الفن عبر مسارح الاوبرا الخديويه.. او الازبكيه… ولم يكن الامر قاصرا علي القاهره فالاسكندريه كانت حاضرة وعبر مسارحها وبالتحديد في زيزينيا قدم عبد الله النديم مع طلاب المدرسة الخيرية اولي مسرحياته وعنوانها العرب وفي العام التالي.. عام 1880 قدم مسرحيته الثانية وشارك تلاميذه التمثيل فيها… رحلة عمنا النديم الشاعر والصحفي والمناضل تحتاج الي من يعيد تذكيرنا بها.. واتمني لو ان الشركة المتحدة اعادت عرض المسلسل الذي قدم سيرته من بطولة عزت العلايلي .
المهم النديم ليس هو بطل قصتنا اليوم… لكن قصته مع مسرح المدارس هي الشاهد والغاية… لقد استخدم النديم المسرح في المدرسه وقد كان وقتها يعمل بالتدريس في نشر مفاهيم النضال والمقاومة ضد المحتل الاجنبي… والاهم انه حارب الجهل… كانت قضيته الاولي الحرب ضد الجهل.. فلا وطن ولا حياه مع ذلك المرض البغيض.
الان وبعد كل تلك السنوات من الغياب… من هجر مدارسنا للموسيقي والخط العربي والمسرح والرياضة… نعود بمبادرة طيبة يشارك فيها فنانون كبار لنبدأ من الصفر.

نعم نحن نعود الي حيث ما انتهي النديم ورفاقه ،  فالسنوات التي مرت وبلدنا تعادي كل ما هو ثقافي عرف الجهل كيف يخترقنا حتي صارت البديهيات قصه… حتي صارت الهوية عبثا.. اطفالنا علي بعد خطوات من رحلة جديدة يخوضها ندماء جدد… هكذا اتخيل.. فليس عندي بعد كل التفاصيل عن هذه المبادرة التي سيتم اطلاقها بعرض مسرحي كبير من بطولة يسرا… اسمه. .تقدر.
نعم نحن نقدر… نحن تستطيع… بشرط ان نعتمد علي المومنين بهذا البلد وتاريخه ورسالته وقدراته… الحالمون بجيل جديد مختلف يستطيع وصل ما انقطع مع سلف بنوا كل تلك الحضاره التي اهملناها بعبط شديد حتي صدق البعض منا اننا لم نبها يوما وان غيرنا من بناها… حتي صدق البعض منا انها اصنام تستوجب الهدم.

الان هناك من يعي ويعرف ويفكر ويخطط وينفذ.. هناك من يبني جسر العودة… رغم كل تلك التحديات التي تجابهنا… احنا نقدر… نحن قادرون علي العوده… نحن نستحق الفرح

زر الذهاب إلى الأعلى