صفوت عباس يكتب : (الذكري السنوية للثانويه )!

خريج الجامعة الذي لايستطيع كتابه ورقه بحثيه شافيه ضافيه في موضوع من تخصصه نظريا كان او تطبيقيا مع مقدمه بسيطه لها بلغه اجنبيه وقدره علي تفعيل بحثه ان لم يستطيع هذا فعليه رد الورقه التي تثبت انه يحمل شهاده عليا، تُري اي نظام تعليمي يستطيع ان يقدم هذا !؟
قديما كان من يحصل علي شهاده جامعيه يطلق عليه (متعلم وبالمعني الحرفي للكلمة ) بمفاد انه اكتسب عقلا واعيا مستنيرا قادرا علي الرؤيه والحل والتنظير المستند لما رسخ به من علوم ومهارات وماتكون لديه من افكار، واظن ان الان سندخل في منطقه جدليه عقيمه اذا ناقشنا هذا في اطار منظومه سقطت اهم جوانبها وهي المدرسه بكافه مراحلها كحاضنه لمنظومه التعليم ومعبر عنها وحاويه للإدارة والمعلم والتلميذ وعليه جد نظام تعليم مواز شارك في صناعته بجداره المعلمين واولياء الامور في ظل غياب اي دور للمدرسه الا من كونها مكانا لتسجيل اسماء التلاميذ ومكانا يحصل منه المعلمون علي اجورهم التي لاتقارن بما يجنونه من نشاطهم بالدروس الخصوصيه.
في كل عام وبانتظام من شهر مايو وحتي سبتمبر يَعْمُر مولد الشهاده الأشهر في مصر “الثانويه العامه” والذي يبداء من الاعداد للامتحان وطريقته وتصحيحه حتي انتظامه وتسربه وصعوبته ورأي التلاميذ وذويهم والمعلمين و خبراء المناهج والامتحانات، وتحتل الاخبار عنه كل مكان تنشر فيه اخبار واشهرها واكثرها روادا وجماهيريه السوشيال ميديا، ثم تاتي النتيجه بين متفوق ومن خاب رجائه وبين نتيجه شبه متماثله وبدرجات عاليه في لجان ما وبين نتائج صفريه تستدعي تظلم اصحابها من التصحيح.
السنه الاشهر في سنوات التعليم العام في مصر هي السنه الثانيه عشر المسماه الثانويه العامه وشهرتها ليست وليده اللحظه لكنها قديمه وان كان اللغط عنها قديما اقل لافتقاد قنواته وربما احتلت هذه السنه الدراسية مكانتها كونها الباب الاشهر والاوسع لمنظومه التعليم الجامعي وهو جزء من فكر مجتمعي كان يعتبر ان كليات القمه في الجامعه (الطب والصيدله والهندسه بتخصصاتها والالسن والعلوم السياسية وفي فتره الحقوق والكليات العسكريه والشرطه) بابا للوجاهه الاجتماعيه لخريجها وذويه اذ تحقق وضعا وظيفيا لائقا يحقق اشباعا للطبقات العليا ويرتفع بمن يقبع في طبقه دنيا الي دائره الضوء والاشباع النفسي والمادي..
وتعرضت الثانويه العامه لاعتبارات تجربه طرق مختلفه للمدي الدراسي (عام او عامين) وبين وبين فرصه امتحانيه واحده او متعدده وبين اشكال امتحانيه بين اختبارات الحفظ او الفهم او هجين بينهما وطرق امتحان اليكتروني او ورقي او خليط وبين مقررات دراسيه ومناهج مختلفه في كل تجربه وكانت التجربه تتم علي الجميع والاجدر كان ان تتم علي عينه ممثله وضيقه الي ان يثبت جدواه او عدم ملائمتها فيتم تعميمها او الغائها الامر الذي زاد مشهد الثانويه ارتباكا علي ارتباكها.
في وقت ما كان النظام الامتحان بالثانويه العامه يفيد معه نظام الصم ويحقق معه نتائج عاليه ومؤخرا عندما تطور شكل الامتحان الي شكل يقال عنه انه يستدعي الفهم والتمحيص والدقه والتركيز خرج الذين تدربوا وحتي معلموهم الذين دربوهم علي الامتحان المحفوظ عن الخط لتتلاشي الأرقام الفلكيه لنتائج التلاميذ وتعرضنا عبر الميديا لعباره (معلمين لم يستطيعوا حل الامتحان او اختلفوا علي حله)
لعل اعاده التعليم لدوره في صنع عقل ووعي وفهم يواجه الحياه ليعيشها ويغيرها ويطورها يستلزم اعاده المدرسه والمعلم وحتي الاسره لجاده دورهم وقديمه ويتطلب تنقيه الفهم العام من ان التعليم للتوظيف الي التعليم للتعليم وعندها ستبحث الوظيفه والوجاهه والثروه والبريق عن المتعلم وسيصبح مولد الثانويه العامه مناسبه بسيطه للاحتفال وليس للبكاء وللاتهام والتظلم.