مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب : فضل ! الكلام الحلو

0:00

معيار الكلام عندنا نحن العرب هو بلاغته ، والبلاغة تعني ببساطة إيصال المعنى بأقل الكلمات ، وعندما سئل خبراء اللغة عن آليات تحديد البلاغة في النصوص خاصة الأدبية ، كشفوا عن عدة معايير ، جاء في مقدمتها عدم احتواء النص على ما يستوحشه الناس من ألفاظ ، ومعنى يستوحشه أي ينفر منه أو يهجره عن علم أو عن جهل ، وكذلك غياب الإطناب عن النص ومعنى الإطناب تكرار المعنى سواء بنفس اللفظ أو بغيره .

هنا سأقف قليلًا وأحاول أمامكم تقييم الوضع الذي وصلنا له على الساحة الغنائية باعتبار الشعر الغنائي من ألوان البلاغة والإبداع اللغوي – أو هكذا كان- فصل الصيف دوما يحمل معه الجديد لكل فنان احترف الغناء ومع لفحاته الحارة تتوالى الألبومات لكبار المغنيين لتفرض نفسها على مسامعنا بكل رضا أو بكل بجاحة – عفوًا منكم – ولكن هذا ما يحدث . غير أن الذي لفت نظري وأنا لست خبيرة في مجال الغناء لكني امتلك حاسة تذوق سمعية مازالت في فترة الصلاحية ، تدني مستوى الكتابة الغنائية في مصر ، حيث الأغاني تعتمد الإطناب دستورًا ، فما يقوله المطرب يعيده مرات بنفس الكلمات ، فتخرج من الأغنية بجملة يتيمة لا معنى لها، أضف إلى ذلك الألفاظ النابية التي تزاحمت بين جنبات الأغاني، ويكأن الوقاحة أصبحت سمة مميزة تم اعتمادها بين الشعراء الغنائيين ، فخلت الأغاني من الإحساس والذوق و المشاعر الراقية والأخلاق الواجبة في العلاقات . وتحولت إلى وصلات ردح وخناقات .

وللأسف أنا لا أتحدث هنا عن المهرجانات لأنها من البداية حجزت مكانها في الحضيض ، وإنما عن مغنيين كبرنا مع أغانيهم وتعودنا منهم الملفت والمتميز كل عام ، ولن استمع هنا لمن يقول :اعطي الأغنية فرصة أو هذا المغني لا تحكم عليه من أول استماع ، لا لن أفعل . أتعلمون لماذا ؟
لأن مغني عملاق من هذا الجيل الذي أتحدث عنه استطاع بلا دعايا ولا إنتاج ضخم ولا ابتذال ولا شعراء غنائيين معروفين من إبهارنا ، بل لقد خطف القلوب قبل الأسماع وأعادنا في لحظة إلى الجميل من العمر والمشاعر والحياة .

إنه فضل الكلام الحلو ، فضل شاكر ، الذي يذكرني دوما بأن العالم الغنائي مازال بخير ، وأن تصدر الترند لا يعتمد فقط على اللوك ولا فضائح الحياة الخاصة ولا البجاحة وقلة الأدب ، بل من الممكن احتلال القلوب والترند بالكلام الحلو والمشاعر الراقية والمعاني الصادقة وخمس أغاني هي : أحلى رسمة ، غلّبني، كيفك ع فراقي ، هوى الجنوب ، الحب وبس .
يا فضل ، شاكرون لك دمت نعمة لا حرمنا الله منها .

زر الذهاب إلى الأعلى