السيد خلاف يكتب: مخطط تقسيم سوريا وممر داؤود

مايحدث في سوريا هو خطوة في طريق تحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل الي الفرات ..هذا الحلم بحاجة إلى دولة درزية وكردية ؟!.. وكان الشرع أو الجولاني الحاكم الجديد في سوريا هو الأداة أو الكومبارس أو العميل الذي صنعته المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي ومن معهم من الدول العربية .. فما هي القصة ؟!
في عام ١٩٨٢ عندما كانت إسرائيل تحتل بيروت وجنوب لبنان خرج كاتب إسرائيلي يدعي عودي دينون بخطة تقضي بتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة تفرقها الأعراق والأديان والطوائف، وهي الخطة التي تحدث عنها أيضا برنارد لويس ، وأكد أنها الحل الأنسب الي إسرائيل وضمان أمنها واستقرارها.
وهذه الدول التي يفرقها الدين والعرق يجمعها تعاون اقتصادي مركزه إسرائيل وفق خطة شيمون بيريز الرئيس الأسبق الي إسرائيل وفق طرحه في كتابه الذي صدر عام ١٩٩٣ ، وحمل عنوان ” الشرق الأوسط الجديد “، ومن هنا ولدت فكرة أو خطة أو مشروع يربط هذه الكيانات فأطلقوا عليه مايعرف ب ” ممر داؤود” وهوطريق اقتصادي نافذ بالدرجة الأولى،سيخرج من إسرائيل حتي يحط علي ضفاف الفرات بالعراق ،زاعمين أن هذا المخطط أو الممر سيوحد الدول التي فرقها الدين والعرق .
هذا الممر ينطلق من الجولان التي تحتلها إسرائيل وتعتبرها جزءا من أراضيها ثم يمر الطريق المفترض بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا ثم جارتها محافظة درعا ثم محافظة السويداء جنوب سوريا أيضا ، يتخطاها ثم يطل ممتدا بمحاذاة الحدود السورية الأردنية، أي في المناطق الصحراوية الممتدة والتي تعتبر جزء من حدود محافظة حمص السورية ، وصولا الى مدينة التنف الواقعة في مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية .
ثم يتابع طريقه عبر محافظة دير الزور السورية بمحاذاة الحدود السورية العراقية حتى يحط رحاله عند معبر البوكمال، وهو المعبر الذي يفصل الحدود السورية عن العراق وهو البوابة بين الطرفين.. لكن : لماذا هذا المسار تحديدا الذي تم اختياره ليكون ممر داؤود ؟..
وفقا للأدبيات الصهيونية الإسرائيلية فإن داؤود النبي معروف عند المسلمين بأنه نبي ، بينما هم يعرفونه ويتعاملون معه على أنه ملكا ومؤسس مملكة إسرائيل الكبرى والتي تمتد على فلسطين وما حولها وفق مايقولون ، ومن هذه التسمية يعرف أن ممر داؤود جزء من حلم إسرائيل الكبرى ،وأن اختيار هذه المناطق ليمر بها المشروع بداية من الجولان التي تحتلها إسرائيل وتريد أن تثبت أنها أرض إسرائيلية، والتي هي وفق الأمم المتحدة أرض محتلة،ثم القنيطرة وبجوارها درعا ، ومعها محافظة السويداء ذات الاغلبية الدرزية ، التي أصبحت فعليا تحت السيطرة والرعاية والحماية الإسرائيلية.
ووفق مخطط إسرائيل ستصبح السويداء عاصمة لدولة جديدة مفترضة في الجنوب السوري ، وتتكون هذه الدولة من المحافظات الجنوبية (القنيطرة ودرعا والسويداء..) وبعد أن يتخطى الممر محافظات الجنوب وصولا الي مدينة التنف التي بها أكبر القواعد الأمريكية فى سوريا ، والمدينة كلها تحت الوصاية والحماية الأمريكية،ولهذا فإن إسرائيل لن تجد صعوبة في تحقيق ذلك ، فهناك رئيس عميل ودعم أمريكي أمريكي وخونة عرب !!
وقاعدة التنف هي قاعدة عسكرية أمريكية تقع في منطقة صحراوية جنوب شرق سوريا،عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، وأنشئت عام 2016 لتدريب قوات المعارضة السورية بدعم وتمويل وخيانة عربية ،وهذه القاعدة نقطة استراتيجية مهمة للولايات المتحدة في المنطقة، وعند هذه النقطة تبدأ حدود الدولة الثانية المفترضة في سوريا، وهي الدولة الكردية ، والتي تعتبر دير الزور جزء منها ، فضلا عن مدينة البوكمال التي ستكون ضمن هذه الدولة الوليدة .
ومن هنا فإن مخطط ممر داؤود ومساره ليس عبثيا ، وإنما مختار بعناية حيث لن يمر بسوريا بل بالدول التي ستنفصل عنها دولتي الأكراد والدروز ، وفق خطة ايفون دولتين مبنيتان على أساس عرقي ، لكن السؤال : ما الذي تستفيده إسرائيل من هذا الممر ؟
الفكرة لا تقتصر فقط على كون الطريق يتضمن رمزيا المرور بخارية تسمى إسرائيل الكبرى، وإنما له فوائد اخري أمنيا واقتصاديا واستراتيجيا، واقتصاديا يتضمن هذا الطريق خط نقل النفط من المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية المسلحة المعروفة باسم ” قسد “والتي يحلم الأكراد بأن يمر النفط من طريق لا يمر عبر الأراضي السورية ولا يصل إلى موانئها ..هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى فهذا الطريق الواصل الي نهر الفرات فهو جزء من الصراع القادم على المياه العذبة ، وهو صراع مؤجل سيصل اليه العالم آجلا أو عاجلا ، وإسرائيل بلا شك تريد تأمين مستقبلها من المياه ، و نهر الفرات سيكون أحد مصادرها ، فضلا عن أن هذا الطريق سيؤمن تبادل السلع والبضائع مع الدول الجديدة المفترضة ، والتي عمقها آسيا وتركيا وأذربيجان، وهي دول بينها وبين تل أبيب تبادل تجاري كبير ..هذا اقتصاديا .
أما أمنيا فإن هذا الطريق يقطع أوصال بلاد الشام ويمهد إلى تفتيتها ويجعل لا منافس إلى إسرائيل في المنطقة، كما يقطع الطريق على إيران في حال فكرت في العودة إلى وصل طهران ببيروت ، ويضع إسرائيل بموقع قوي للمفاوضة على النصيب الأكبر من المشروع المرتقب، وهو مشروع الغاز القطري إلى أوروبا والذي حتما – حتى يكمل طريقه من قطر الى تركيا – لابد أن يقطع ممر داؤود، ما يعني أن إسرائيل تريد نصيبا وموقعا يجعلها قلب المنطقة التي تريد إعادة ترتيبها لتكون شرق أوسط جديدا، أشبه بأوروبا جديدة (رؤية بن سلمان ) وتل أبيب مركزها وفقا لما يخططون!!
بقي أن نقول أن الدول التي دعمت ومولت وخططت و أمدت بالسلاح والمال “الجولاني أو الشرع” وجماعته الإرهابية ، ودعمت مخطط الموساد والاستخبارات الأمريكية بإسقاط الأسد ..هل خدمت الأمن القومي العربي ، كما حدث في العراق وليبيا مثلا ..؟!