ضاحي عثمان يكتب : أسباب الكراهية والحقد والضغائن

يا صاحبي ..
الكراهية .. إذا دخلت النفس فإنَّها إن كانت تؤذي الآخرين ..
فإنَّها دون شكّ ستؤذي صاحبها لا محالة .. مهما طال الوقت ..
لأن المثل الشعبي يقول .. ” طبَّاخ السم .. لابد أن يذوقه ” ..
وبالتالي ..
مهما حاول أن يحمي نفسه من نفسه .. لابد إنَّه سيؤذيها دون شك ..
لأنَّ النار إن لم تجد ما تأكله .. ستأكل في نفسها حتى تستحيل إلى رماد ..
إذ إنَّ الشخص الذي اعتاد على كراهية الناس والحقد عليهم ..
لابد أنه سيرتد عليه يوماً .. سهماً من سهامه المؤذية للعباد ..
لأنه دون شك .. صار محتفاً للأذى .. بالحقد على الآخرين .. والوقيعة بينهم ..
لأنَّه بصريح العبارة .. بات هو مخزن للكراهية مملوء بسمومه القاتلة ..
فإن لم يذي نفسه بشكل مباشر .. جاءته سمومه بشكل غير مباشر .. كيف ..؟!
الجواب : لأنَّ إيذاء النفس يكون صار لديه حرفة يمتهنها ..
ويتعمد إلحاق الأذى الآخرين النفس .. فما منه إلا أن يقدِّم الأذي لنفسه وبنفسه ..
وذلك فيما يمكن أن أُسمِّيه لكم بـ : ” أصابه النفس بالتسمم الذاتي ” ..
وتُعرف بأنها الإصابة المباشرة .. الموجَّهة إية من دون قصد إيذاء نفسه ..
وهنا ..
يثور السؤال المهم :
أحاسيس الحقد .. والكراهية .. والبُغض .. والغيرة ..
أهي نفسية فطرية .. أم نفسية مكتسبة ..؟!
بمعنى .. هل هي أصيلة ومتجذرة في كياننا .. أم نكتسبها من بيئاتنا وتربيتنا ..؟!
الحقيقة .. إنَّ الحقد والكراهية من المشاعر والأحاسيس ..
التى تنتاب الإنسان تجاه الآخرين .. لكن سببها يحتاج إلى تفاصيل ..
تُرى ..
هل سببها الشعور بالنقص وغلظة القلب .. أم تدنِّى قيمة الحب ..؟!
وهل سببها الإحباط والفشل .. أم الأمراض النفسية ..؟!
وهل سببها .. سوء التربية الأسرية .. أم هي تربية مختلة ..؟!
وهل سببها نقص الإيمان .. ومحاولة الترفُّع على حساب الآخرين ..؟!
ولكن ..
من الحقائق المؤلمة في الحياة .. والأشياء المحبطة في دروبها ..
أن ترى أُناساً حولك يحقدون عليك ..
إذ يمكنك أن ترى الفرحة والشماتة فى عيونهم ..
عند حدوث أى مصيبة لك ..
وعلى النقيض الآخر يمكنك أن ترى بؤساً وحزناً على وجوههم .. فى حالة فرحك ..
لذا .. تراهم آخر المهنئين .. هذا لو اضطروا لذلك ..
وأيضاً .. ترى تهنئتهم لك .. تخرج كلماتها من تحت الضرس ..
فيا صاحبي ..
هذا الكاره .. أو الحاقد .. من فصيلة أُناس لا ترضي بما قسمه الله لها ..
ودائماً .. تجدها مشغولة بالبحث والتنقيب والنظر فيما فى يد الآخرين ..
ويرصدون كلّ شيء سواء مال .. أو حبّ .. أو سُلطة .. أى شيء ..
وللأسف .. هذا الصنف من الناس يتعايش معنا .. ويدخل بيوتنا ..
ويشاركنا حياتنا فى أشياء كثيرة ..
والغريب .. والعجيب .. والمحيِّر ..
أنه من الصعب علينا اكتشافهم إلا بالتعامل معهم ..
وهؤلاء صاروا أو وصلوا إلى هذا الحال .. بمليون سبب وسبب ..
بسبب كل ما أوردناه من قبل من أسئلة .. حول وصلولهم لهذه الصفة المذمومة ..
والحمد لله تعالى .. أنَّ الكاره أو الحاقد .. لا يمكنه أن خدع الناس إلى آخر العمر ..
واعلم ..
إنَّ العطاء .. والكرم .. ومساعدة الآخرين .. هبة من عند الله تعالى ..
نحمده عليها سبحانه .. لو توافرت فى كثير من الناس ..
والحمد لله .. إنَّه فى البيئة المحيطة بنا .. نجد نماذج كثيرة منها الحسن والسيء ..
والحسن في الحياة .. أنَّك تجد أناساً يسارعون فى مساعدة الآخرين ..
بدون سابق معرفة .. إنَّه الكرم والعطاء دون الانتظار لمقابل ..
والحمد لله .. إنَّنا نجد حولنا أناساً يحزنون على حزن الآخرين ..
ويتطوَّعون بالوقوف بجوارهم .. ومساندتهم .. ومواساتهم ..
ولكن ..
أكثر الجوانب السيئة في الحياة الآن ..
إنَّنا من النادر .. أو القليل جداً في هذه الأيام ..
أن نسمع بآذاننا .. أو نقول بألسنتنا .. مصطلح :
إنسان شهم .. خالي من الكراهية والحقد والضغائن ..
فيا صاحبي ..
إنَّني أميل إلى أن السبب في الكراهية والحقد والضغائن ..
هو : عدم الرضى بالمقسوم .. وهذا نقص إيمان ..
وعدم انتماء الشخص لبيئة راقية إنسانياً ..
أو كراهيته ومفته للأشخاص المحترمين ..
وقد يكون ذلك : سوء التربية .. إلى جانب الخلل نفسي ..
فى شخصية هذا الإنسان .. الكاره للآخرين …. ولنفسه في الأساس .