مقالات الرأى

وائل احمد راغب يكتب: عام على الرحيل عام على الوجع يا أخي

0:00

في مثل هذا اليوم من العام الماضي 2 يونيو 2024 كنا نحتفل بعيد الإعلاميين ال90 ، داخل كلية الإعلام جامعة القاهرة ، وعند عودتي إلى حدائق القبة ، وصلتني رسالة عبر الواتس من محمد نجل شقيقتي الكبري ، كتب فيها خالي حمادة في ذمة الله ، شعرت بقطار صدمني شعرت بهزة أرضية ، صرخت ، بكيت ، صعقت ، أمسكت بالموبايل لاتصل بمحمد ليؤكد لي الخبر وطلبت بعده شقيقي الأكبر ايمن كيف حدث هذا كيف مات مين قال مين من الدكاترة شافه اتأكد تاني وتالت ورابع ياايمن ، اجلوا الدفن حتي أصل ، وخرجت مسرعاً إلى محطة القطار اجري اهرول كيف الحق بأخي ، وصلت إلى محطة القطار في رمسيس ، طلبت مدير المحطة أبلغته بوفاة شقيقي ، وارغب في تذكرة لأول قطار مكيف ذاهب إلى قنا لم يتأخر ، وأرسل إلى المكتب ، وركبت القطار واتي خلفي من سلمني التذكرة ، استلمتها وابتلت فالدموع انهمرت ، ولم تتوقف طوال الطريق ، إتصالات ورسائل تسألني لتتأكد من صحة الخبر ، لم استطع الرد ، الكلمات اصبحث ثقيلة ، والأيام اصبحت اثقل ، لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، انا لله وانا اليه راجعون ، مات اخي حمادة ، كيف يارب ، ولماذا يارب ، كيف لا اراك ياأخي مرة أخرى ، رحل ابي وكنا صغاراً ، وبعده امي ، وكنت ادرس بالجامعة وسالتحق بالقوات المسلحة مجندا ، كيف يارب استكمل حياتي بعد اخي ، كنا نتشاجر ، كنا نتسامر ، كنا نضحك معا ، نلهو معا ، نبكي معا ،فلم يكن الفارق بيننا في العمر سوي عامين ، كان دائم النصح لي ، شديد الخوف علي ، كيف يارب ، يرحل صانع السعادة ، كيف يارب يرحل اخي ، سندي وعزوتي وكل دنيتي ، كانت اسماءنا تنطق دائماً حمادة ، ووائل ، ووائل وحمادة هكذا هي اسماءنا الحقيقية ، نعم نحن من قنا، ومن الصعيد لكنها اسماءنا الحقيقية ، سنوات طويلة ياأخي نتشاجر ، نتشارك ، ننسي ، نتذكر ، كنت دائم القلق علي ، ولم افهم ، كنت دائم النصح ولم أعرف ، كنت تقول لي انااكبر منك وعارف ، واقولك واناكبير وعارف ، لم أكن أري أن فارق السن بيننا عامان ، هو فترة كبيرة ، بل كنت لا اري هذا الفارق أبدأ ، كنت متسرعا ياأخي لكنك كنت حكيماً أيضاً ، كنت شرساً ياأخي ، لكنك كنت حنونا ، وصلت إلى مدينتي نجع حمادي قبل الفجر ولم استطيع اللحاق بدفن اخي ، كنت أخشي أن يحدث مكروهاً لأحد إخوتي ، وانا بعيداً عنهم ، فأنا احبهم ، وهم يحبونني ، فأنا الأصغر ، وانا المغترب دائما لتواجدي بالقاهرة ، رحل اخي يارب ، المدينة المضيئة دائماً أصبحت تتشح بالسواد فقد غاب عنها اخي الشهير ، حمادة راغب ، كثيرون من زملاء له وأصدقاء له كنت أبلغه برحيلهم ، ولم أكن أعلم مثلما لم يكن يعلم أنه القادم ، تفرقنا بعد اخي فهو الذي كان يجمعنا من خلال المشروعات والمحلات ، كان عاشقاً للحياة ، مبتهج دائماً ، لكنه يتألم من الداخل ، تعرض للعديد من الخسائر ، كنت اقول له ولا يهمك ياأخي ، كله يتعوض ، هي الحياة كده مكسب وخسارة ، كان دائماً يسألني خلصت عندك ، أقوله لسه ، هو عارف إني بحب القاهرة أجد فيها نفسي منذ الطفولة ، لا استطيع البعد عنها ، تسحبنا ، لتأخذنا الأيام سريعاً ، سبقني اخي الي القاهرة سنوات طويلة ، وكان لديه محل في ميدان سيدنا الحسين ، وكان صديقا لأغلب منتجي أشرطة الكاسيت ، وقام بعمل شركة إنتاج انغام الصعيد ، يعرفه الكثير من الناس ، وفي كل المحافظات ، والمدن ، وأغلب اغاني الكاسيت والافراح بها تحية له وسمعت مرة وانا في أحدي المواصلات بالقاهرة السائق مندمج ولا يعرف أن المنتج كان اخي ، طلبت منه كثيراً أن يستكمل حياته بالقاهرة ، ونقيم مشروعاً سويا ، لكنه رفض ، قاللي سبقتك ومعملتش حاجة ، هتصرف في مصر طول مانت عايش فيها ، كنت أتعجب عندما يأتي الي القاهرة يعرف شوارعها كلها وحواريها وعندما يستقل اي تاكسي ، كان يجيد محاسبته ولايتحدث معه السائق ، ومرة كنت راكب أنا وهو سيارة اوبر من الجيزة وبعدين الكابتن مشي في شوارع لم أدخلها من قبل في حدائق القبة وكان وقت الظهيرة وغضب اخي ونهرني ، كيف لا أوجه السائق إلي شقتي ونحن الآن في حدائق القبة وفي احدي شوارع متفرعة من مصر والسودان لم أدخلها حقيقة ، وكانت شقتي بالقرب من مبني المخابرات ، فابلغته أنه يسير علي اللوكيشن ، فهيعرف يوصل ازاي ، وقاللي ليك اكتر من عشرين سنة عايش في الحدائق ومش عارف فيها حاجة ، وعند نزولي المدينة بعد رحيل اخي لاستقبل المعزين ، فالجميع في حالة حزن غير عادية ، لا أحد يصدق ، اخدتني الناس بالاحضان لأجد الدموع علي وجوهها وكذلك أنا أيضاً ، رحل اخي يارب ، لم تجف الدموع ، ولم تعد الإبتسامة كما كنا نراها في عهد اخي وفي وجوده ، رحل اخي يارب ، يرقد الآن إلي جوار ابي ، وجوار امي ، رحل اخي يارب ، واثق أنك ارحم به من الدنيا كلها ، رحل اخي يارب ، إستجابة لطلبك ، رحل اخي يارب ، وغاب ، رحل اخي يارب ليسكن القبر ولن أراه مرة أخرى ، ولن نستكمل حديثنا أو شجارنا ، أو سعادتنا ، ليتركني في دنيا تمتلئ بالبشر ، وتمتلئ بالخلق ، إلا هو ، فاللهم الصبر ، اللهم الرحمة والمغفرة له ولأبي ولأمي ، فإنهم بين يديك ، وانا اثق في رحمتك .

زر الذهاب إلى الأعلى