د. آمنة الريسي تكتب: السيكولوجية النفسية للأفراد

فهم الأسباب التي تدفع الأفراد لاختيار خيار معين من بين بدائل عديدة وتبني سلوك دون غيرة يرجع في المقام الأول لطبيعية نفسية داخلية معقدة. حاول العديد من علماء النفس والاجتماع فهم سلوك الأفراد ودراسة طبيعة الصراعات النفسة التي تحدث بداخلهم، فساعدت النتائج التي جاءوا بها في تنمية قطاعات متعددة كقطاع الصحة، والاقتصاد، والتعليم، وغيرهم.
وبإيجاز شديد نستطيع القول إن العمليات النفسية التي تحدث في أعماق الذات البشرية هي حجر الأساس للواقع الاجتماعي والاقتصادي وأيضاً السياسي الذي يعيشونه. وهذه العمليات ليست مجرد خطوة واحدة، بل هي سلسلة من مراحل عديدة يمر بها الفرد كما تمر بها الجماعة. والمراحل هي كالتالي:
١. التعرف على الحاجة: التعرف على الحاجة التي دعت الشخص لأحداث المشكلة. مثال: شعور بالغيرة، رغبة في ابراز الذات، شعور بالنقص، رغبة في الانتقام، ألخ
٢. البحث عن معلومات: لإشباع هذه الحاجة يقوم الشخص بالبحث عن معلومات إما داخليا في ذاكرته من خلال قصص عاش بها في الماضي، أو خارجيا من خلال البحث في الإنترنت وبين الإعلانات ووسط الأصدقاء
٣. تقييم البدائل: بعد ذلك يقوم الشخص بتقييم البدائل المتاحة وإيهما أكثر مقدرة على سد الحاجة التي لديه
٤. اتخاذ القرار: يتخذ الشخص قراره بناء على ما يراه هو من وجهة نظره أنه الأفضل.
٥. السلوك: وكمرحلة نهائية يبدئ الإنسان بتبني سلوكيات متوافقة مع هذه الفكرة
وهنا نطرح تساؤلات عديدة: لماذا يفضل الفرد التعامل مع بيئة معينة على أخرى؟ كيف تتأثر قرارات الفرد بالعوامل الداخلية (الدوافع الشخصية) والعوامل الخارجية (الثقافة والأسرة)؟ ما هي العوامل التي تؤدي إلى رضا الفرد عن نفسه؟
وللإجابة عن كل هذه التساؤلات لأبد أن نتتبع المراحل الأنفة الذكر بدء من لحظة ظهور الحاجة أو الرغبة في التفاعل مع شعور ما، مروراً بجميع المراحل التي يمر بها الفرد والجماعة، وصولاً إلى كيفية تفاعل الفرد سلوكياً مع الجماعة. هذا الفهم العميق يساعد العديد من الخبراء والباحثين والقادةعلى تقديم أدوات ذات فاعلية وبناء علاقات قوية ودائمة مع بعضهم البعضوفهم الكثير حول الدوافع التي تشكل سلوك الأفراد.
بوجه عام، فإن الفرد يسعى في المقام الأول لتكوين صورة إيجابية عن ذاته أمام الأخرين، والسؤال هنا: كيف بإمكان هذا الفرد تحقيق هذه الغاية إذا لم يمكن واثق من نفسه؟
الصورة الإيجابية عن النفس تعني إيمان الفرد بقدراته وبمظهره وبقناعاته ولكي يصل لهذه الغاية فعليه ذا بدء أن يكون قادراً على التواصل بفاعليةمع الأخرين وأقناعهم بنفسه دون تردد وخوف بحيث يجعل من يتحدث إليه يشعر بالارتياح والأمان في التعامل. ثانياً، لأبد أن يتحمل الفرد مواقف الرفض والإحباط وأن يتعامل مع مثل هذه المواقف بشكل بناء ولا يعتبره فاشلاً. وأخيراً، أن الأشخاص الذين يمتلكون صورة إيجابية عن ذواتهم يكونون أكثر جاذبية وتأثيراً، فهم يتحدثون بلغة الحماس ويستخدمون لغة جسد واثقة، مما يجعلهم أكثر إقناعاً.
ولتحقيق هذه الصورة على الفرد تدريب نفسه على التحدث والوقوف بثقة وخاصة أمام الاعتراضات، بناء الوعي الذاتي من خلال فهم نقاط قوته وضعفه ومعرفة ما يميزه عن غيره ليستغل ميزاته لتحقيق نتائج أفضل. التواجد في بيئة داعمة والاحتفاء الدائم بالنجاح واللجوء لموجهين ومرشدين عند الوقوع في الأخطاء.
باختصار، تكوين صورة إيجابية عن النفس هي الأساس التي تحرك جميع العمليات النفسية التي تحدث في عمق ذواتنا البشرية. بدونها، قد يمتلك الفرد كل المعلومات عن أمر ما، ولكنه سيعاني في تحقيق المطلب الذي يسعي إليه.