مقالات الرأى

جهود مصرية للقضية الفلسطينية يسطرها التاريخ بأحرف من نور

بقلم الكاتب الصحفي محمد مخلوف - رئيس التحرير التنفيذي

0:00

تزامناً مع مرور عامين على العمليات العسكرية الوحشية الاسرائيلية على قطاع غزة، أكتب هذه السطور للتأكيد وللإشارة إلى أن مصر لم تدخر جهداً منذ بدء الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع “غزة” في مساندة الشعب الفلسطينى، حيث قدمت مصر جهود مكثفة من الدعم غير المحدود للفلسطينيين على كافة المستويات (سياسياً /إنسانياً/ميدانياً/أمنياً)، حيث تركزت الجهود المصرية على النحو التالى:

أولاً على المستوى السياسى:

-تكرار القيادة السياسية المصرية خلال أية إتصالات/لقاءات/مؤتمرات صحفية على الموقف المصرى الواضح بشأن رفض المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم سواء طوعياً أو قسرياً، والتشديد على أن التهجير خط أحمر بالنسبة لمصر .

– عقد أول قمة دولية معنية بالتطورات بقطاع “غزة” (قمة “القاهرة للسلام”) يوم
٢٠٢٣/١٠/٢١ بمشاركة عربية ودولية واسعة وإستجابة العديد من الدول للمشاركة بالقمة، والتى مثلت رسالة واضحة للعالم بقوة الموقف المصرى من الأزمة.

– عقد قمة عربية إسلامية بالقاهرة شهر مارس ٢٠٢٥، والذى تم خلالها التوافق على الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار “غزة”.

– تقديم مصر مرافعة ب”محكمة العدل الدولية” تبرز الممارسات الإسرائيلية بالمناطق الفلسطينية، مع التلويح بإعتزام “القاهرة” الإنضمام للدعوى القضائية التى قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل ب”المحكمة”.

– مواصلة الإتصالات مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية منذ بداية الأزمة وحتى الآن لحشد المجتمع الدولى لدعم الرؤية المصرية بالشأن (رفض أية عمليات نزوح، وتحمل إسرائيل مسئولياتها كدولة إحتلال – ضرورة دعم السلطة الفلسطينية وعودتها لإدارة قطاع “غزة” عقب الحرب ..).

– تكثيف الجهود المصرية لتوحيد الصف الفلسطينى للتصدى للمخططات الإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، حيث إستضافت مصر فى أكتوبر ٢٠٢٤ لقاءات بين حركتى “فتح” و”حماس” فى إطار تعزيز المصالحة الوطنية والإعداد لترتيبات “اليوم التالى” للحرب، حيث تم مناقشة مقترح مصرى لتشكيل “هيئة إسناد مجتمعى” لإدارة قطاع “غزة”.

– تأكيد أهمية أن تسفر أية جهود فى “مرحلة ما بعد الحرب ضد غزة” عن إستئناف العملية السياسية بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى عقب تهيئة المُناخ الملائم الذى يجب أن يستند لإجراءات محددة، وبحيث نصل لتطبيق مبدأ “حل الدولتين” بإعتباره الحل الوحيد الذى يضمن الإستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة وأن أية حلول ستقتصر على وضعية قطاع “غزة” فقط مستقبلاً لن تؤدى لإقرار السلام إرتباطاً بإستمرار فقدان الأمل لدى الفلسطينيين من وجود حل سياسى لقضيتهم.

على مستوى مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”: نجاح الإتصالات المصرية مع الجانب الإسرائيلى والفصائل الفلسطينية (بالتنسيق مع الجانب القطرى وبرعاية أمريكية) خلال نوفمبر ٢٠٢٣ فى التوصل إلى هدنة إنسانية لمدة “٧” أيام (تم خلالها الإفراج عن “٨٠” إسرائيلى و “٣” جثامين، كذا “٢٢” فرد من حملة الجنسيات الأخرى، مقابل إفراج إسرائيل عن “٢٤٠” فرد من النساء والأطفال الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، وتوسيع عملية دخول المساعدات لمواطنى “غزة”).

– تكثيف الجهود المصرية بالتنسيق مع الوسطاء (الولايات المتحدة، وقطر) للتوصل لإتفاق بشأن وقف إطلاق النار، حيث تكللت هذه الجهود بالتوصل لإتفاق بين الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى يوم ٢٠٢٥/١/١٩ مقسم على “٣” مراحل كل منها لمدة “٤٢” يوم، حيث تم خلالها الإفراج عن عدد ٣٣” رهينة إسرائيلى مقابل الإفراج عن ١٩٢٤ أسير فلسطيني، مع إدخال المساعدات حوالى “٦٠٠” شاحنة يومياً وإنسحاب إسرائيلى تدريجى من بعض المناطق ب”غزة”، وإعادة فتح معبر “رفح” البري لخروج عدد “٥٠”
فلسطينى يومياً من الجرحى والمصابين الفلسطينيين، إلا أن الجانب الإسرائيلى عرقل إستكمال مراحل الاتفاق عبر إقدامه على عملية عسكرية منفردة ضد القطاع يوم
٢٠٢٥/٣/١٨، وبما أدى إلى إستئناف القتال بالقطاع مرة أخرى.

– نجاح الوسطاء فى أبريل ٢٠٢٥ فى دفع “حماس” للموافقة على الإفراج عن الرهينة الإسرائيلى/الأمريكى “ألكسندر أيدن” دون مقابل كبادرة حسن نوايا من “حماس” لإثبات جديتها إزاء التوصل لوقف إطلاق النار ب”غزة”، والتجاوب مع جهود الوسطاء.

– طرح الوسطاء مقترح يوم ٢٠٢٥/٨/١٥ يتضمن إتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار يشمل (وقف إطلاق النار لمدة “٦٠” يوم – تحرير ١٠ رهائن و١٨ جثة – توزيع المساعدات وفقاً لآلية إتفاق ٢٠٢٥/١/١٩

-بدء مفاوضات منذ اليوم الأول بين الطرفين بشأن الترتيبات اللازمة لوقف دائم للحرب

– ضمان الوسطاء والولايات المتحدة إستمرار وقف إطلاق النار خلال ٦٠ يوم، وضمان الرئيس “ترامب” إستمرار المفاوضات الجادة لفترة إضافية لحين توصل الطرفين لإتفاق شامل)، ودفع “حماس” للقبول به، إلا أنه تم طرح شروط تعجيزية من إسرائيل، أدت لعرقلة إتمامه.

– مواصلة الجهود المصرية لإستئناف المفاوضات عقب الضربة الإسرائيلية يوم
٢٠٢٥/٩/٩ ضد وفد “حماس” المفاوض ب”الدوحة”.

ثانياً على المستوى الإنسانى/الميدانى:

– حرص مصر على التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التى يواجهها قطاع “غزة” خلال الفترة الأخيرة، وذلك من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية الإغاثية لإستمرار تدفق المساعدات الإنسانية المطلوبة لسكان القطاع، والتى يتم إستقبالها بمطار “العريش” بمحافظة “شمال سيناء” المصرية (تحمل مصر حوالى “٨٠٪” من المساعدات).

– تكثيف التواصل مع الجانب الإسرائيلى منذ يوم ٢٠٢٤/٥/٨ عقب سيطرته على معبر “رفح” من الجانب الفلسطينى وتعزيز تواجده بمحور “فلادلفى” من أجل الضغط لزيادة معدل إدخال المساعدات للقطاع من خلال معبر “كرم أبوسالم”، والعمل على فتح كافة المعابر مع القطاع لزيادة أعداد الشاحنات يومياً (وصلت المساعدات التى تمر للقطاع مؤخراً إلى حوالى “٢٥٠” شاحنة يومياً).

– إستضافة مصر يوم ٢٠٢٤/١٢/٢ مؤتمر إنسانى بشأن الأوضاع بقطاع “غزة” لتوفير الإحتياجات اللازمة للحد من تأزم الأوضاع هناك، كذا مناقشة الإستعدادات اللازمة للبدء فى إعادة إعماره .

– إنشاء مخيمات مصرية للفلسطينيين النازحين من منازلهم داخل قطاع “غزة” (دير البلح و”رفح” و”خان يونس”)، وذلك لتقديم المساعدات والرعاية لهم ب”غزة”.

– تكثيف الضغوط على إسرائيل لإعادة فتح معابر قطاع “غزة” وفك الحصار عنه، كذا تذليل أية عقبات أمام إدخال هذه المساعدات بشكل يومى.

ختاماً.. تمثل الجهود المصرية الراهنة امتداداً لدورها التاريخي إزاء قضية العرب الأولى، والذي لم يتأثر بأي تغيُّر سياسي داخل الدولة المصرية، حيث ظلت القضية على رأس أولويات اهتمام القيادة المصرية، فإن ارتباط مصر بالقضية الفلسطينية هو ارتباط دائم ثابت تمليه اعتبارات الأمن القومي المصري وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم والقومية مع شعب فلسطين، لذلك لم يكن الموقف المصري من قضية فلسطين في أي مرحلة يخضع لحسابات مصالح آنـية، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، وبالتالي فإن ارتباط مصر العضوي بقضية فلسطين لم يتأثر بتغير النظم والسياسات المصرية، فمصر كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، تعتبر هذه القضية بالنسبة لها “قضية القضايا “، حيث سيسجل التاريخ بأحرف من نور، الدور المخلص تجاه القضية الفلسطينية الذي قامت به مصر بقيادة الرئيس السيسي في مرحلة شديدة الخطورة والتعقيد تمر بها منطقة الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى