مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب : تقصير مسافات

0:00

طوال عمري وأنا أنظر إلى البنات نظرة مختلفة ، أرى أنهم كريمة الجنس البشري ، مكون اللطافة والرواق في تركيبة الأحياء على كوكب الأرض ، ولعل ذلك يرجع إلى كوني بلا أخت ، فكنت أتمنى أختاً على الدوام ، لكن الدعوة جاءت متأخرة فقد رزقني الله ثلاثة أخوة ربي يحفظهم ،لكنهم ليسوا بنات !

ووفقًا للقاعدة الثابتة في التركيبة النفسية للإنسان أنه دوما يتمنى ما لا يملك ، عندما تزوجت كنت اتمنى على الله أن يرزقني البنات ، وكيف لا ؟! وقد وضعهم رب العزة في مكانة مميزة فوصفهم في القرآن بالسكن ، فقال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها ) الروم : الآية ٢١، وأرى أن وصف المرأة بالسكن يمنحها تميزًا وقوة لا حدود لها ، ففي السكن الأمان والراحة والدفء والهدوء و الاحتواء ، ووصف المرأة بالسكن يؤطر لتميز المرأة عن الرجل فهي بمفردها كلٌ مستقر ، منحها الله آليات خفية للاعتماد على نفسها وعدم انتظار العون ، لذا من الخطأ تسميتها عالة ، خاصة ونحن في مجتمع المرأة فيه هي العائل الأول لملايين الأسر حتى في وجود الرجال .

ضف على ما سبق الأحاديث الشريفة التي أعلت من مكانة الأنثى ( طفلة و زوجة وأم ) ، عليك صلوات الله وسلامه يا رسول الله ، والحمد لله قد كان ، منحني الله البنات ، لكن التربية ليست أبدًا بالأمر الهين ، خاصة تربية البنات فهن كتلة مشاعر متلاطمة ، غير مستقرة وغير مفهومة في الكثير من الأحيان ، يتطلبن معاملة خاصة ، لذا وضع المتخصصون في علم النفس خطوطًا عريضة لكيفية التعامل مع الإناث :

=أسألهن دومًا عن مشاعرهن ، وامنحهن الأولوية مهما كانت المشاغل .
=استمع لهن ولا تقلل من قيمة شكواهن ، فرؤيتهن للقضايا والمشاكل تختلف .
= امنحهن المساحة والثقة للتصرف بمسئولية منذ نعومة أظفارهن ، لتنمو شخصيتهن قوية غير اعتمادية ، لا تؤثر فيها الأزمات .
= استخدم الرقيق من الكلام معهن ، فالإناث أسرع وأشد تأثرًا بالكلمات قبل الأفعال .

ليست المهمة بالسهلة ، ولكن إدراك طبيعة الشخص الذي تتعامل معه ، تقصر المسافات وتوفر المجهود المبذول لتحقيق هدفك .

أما من منطلق تجربتي المستمرة في تربية بناتي ، أستطيع أن أقول أن الحنان واللطف مع الاحترام هن كلمة السر في التعامل مع الأنثى ، حتى في وقت الجدال والنقاش ، واحذروا خداعها ، فالأم التي تدرك حالك من نظرة عين ، هي المرأة التي تزن ماوراء الكلمات قبل الكلمات نفسها ، وهي الطفلة التي تغمرك بدلالها إذا ما استشعرت حبك لها .

زر الذهاب إلى الأعلى