مقالات الرأى

د.أمانى فاروق تكتب: بين محنة ومنحة 2025 .. عندما تسقط الأقنعة ويولد الأمل

0:00

مع نهاية كل عام، لا نحتاج إلى تقويم جديد بقدر ما نحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس.
تلك الوقفة التي تشبه لحظة صمت قصيرة قبل مشهد حاسم، نراجع فيها ما فات، ونفهم – أو نحاول أن نفهم – لماذا حدث كل هذا، ولماذا كنا نحن بالتحديد في قلب الأحداث.

عام 2025 لم يكن عامًا عاديًا،بالنسبة لي، بل كان عامًا كاشفًا.
كشف لنا وجوهًا ظنناها مألوفة، فإذا بها غريبة، وأخرى حسبناها ثابتة، فإذا بها تتلاشى عند أول اختبار.
خيبات كثيرة مرت، وفقد لأقرب الناس وصدمات موجعة تركت أثرها في القلب، لا لأن الألم جديد، بل لأن مصدره كان أشخاصًا حسبنا أنهم داخل دائرتنا المغلقة.

في هذا العام، تعلّمنا أن التزييف لا يحتاج مجهودًا كبيرًا، بل أصبح مهارة واضحة،
وأن بعض العلاقات لم تكن سوى أدوار مُتقنة في مشهد مُخادع،
وأن ليس كل ما يلمع ذهبًا، مهما بدا براقًا، ومهما صدقناه، فما أكثر المزيفون.

لكن، وبين مشهد الانكسار ومشهد الخيبة، حدث شيء آخر…
شيء يشبه الهدية التي تأتي متأخرة لكنها في التوقيت الصحيح.
ظهر أشخاص لم نخطط لوجودهم في حياتنا، لم نتوقعهم، لم نبحث عنهم،
دخلوا المشهد فجأة، وفي أيام قليلة غيّروا الإيقاع كله،
أعادوا تعريف الأمان، وأعادوا للأمل صوته بعد أن كاد يخفت ، وهنا كانت المنحة التي تأتي في عز المحنة

وهنا، وبحكم المهنة، لا أستطيع أن أنظر للحياة إلا بعين ترى التفاصيل.
الحياة تشبه عملًا دراميًا طويلًا، مليئًا بالشخصيات، متشابك الأحداث، متقلب المشاعر.
لكن الحقيقة الأهم التي اكتشفتها أن هذا العمل لا يعرف دور «الكومبارس».
كل شخص بطل في حكايته، حتى وإن لم يصفق له أحد،
وكل واحد يحمل داخله قصة كاملة لا يعرف كواليسها إلا هو.

نحن لا نعيش أيامًا عابرة، نحن نؤدي أدوارًا.
بعض الأدوار مؤلمة، وبعضها قاسٍ، وبعضها لا نفهمه إلا بعد انتهاء المشهد.
وما حسبناه محنة، كان في جوهره منحة،
وما ظنناه سقوطًا، كان في الحقيقة هو إعادة ترتيب للمسار.

وعندما أعود إلى نفسي القديمة، وأتأمل ما كتبته يومًا، وما شعرت به، وما صدقته،
أبتسم.
لا بسخرية، بل بامتنان.، عندما أرى كيف تصنع التجارب الإنسان عامًا بعد عام.
فالنفس لا تبقى كما هي، وإن بقيت، فذلك هو الخطر الحقيقي.

2025 علّمني أن الأشخاص نوعان:
أشخاص يلمعون سريعًا ثم يختفون،
وأشخاص لا يلمعون كثيرًا لكنهم يدومون.
والذهب الحقيقي دائمًا هو ما يبقى، لا ما يخدع العين ببريقه المؤقت.

ونحن نستقبل 2026، لا أحمل قائمة أمنيات طويلة،
بل يقينًا واحدًا لا يتغير:
أن الله لا يخذل من أحسن الظن به،
وأن الجبر قد يتأخر، لكنه لا يغيب،
وأن بعد كل مشهد موجع، هناك مشهد أهدأ… وأكثر صدقًا.

نحن أبطال هذه الحكايات،
نخطئ، نتعلم، نتألم، ثم ننهض،
وما دامت القلوب حيّة،
فالأمل دائمًا يجد طريقه إلى النهاية.

كل عام وأنتم أقرب إلى أنفسكم…
وأقرب إلى الحقيقة…
وأكثر يقينًا أن ما عند الله دائمًا أجمل.
—–
مدير مركز التدريب والتطوير بمدينة الإنتاج الإعلامى

زر الذهاب إلى الأعلى