الدكتورة حنان عيد تكتب : (عندما يغفو العقل عن الواقع لالتقاط الأنفاس!!)

بعيداً عن جدران كل ما تحتويه هو الذكريات والحاضر وترقب ما هو آت ..
بعيداً عن ذكريات نقف أمامها عالقين لا هواء يطفئ نار شمعة تحترق كالشمس أوشكت على المغيب .. ولا ماء يُحيي فينا زهرة ذبلت وكلها نظرة حنين وأمل وأنين .
وبعيداً عن حاضر يَضُج بالمشاعر والأحاسيس مابين ثائر وخائف وكله أمل ورافض ومستنكر ومُثمِّن وكله ألم وسعيد.
يقاطعنا الواقع لنرى احتقان من تدني أخلاق وسلوك صبيان وإعلام منافق .. وفتن ماظهر منها وما بطن .. وأحلام قتلتها الظروف وصارت مُعلَّقة تخلدها جدران الحياة .. كرسمات تذكرنا بها وحروف تعلمنا الصمود .. فربما نعاود رسمها بفرشاة الأمل والهدف والعمل .. ومابين سياسات تحتاج إلى ترميم أقوال وأفعال بكل المؤسسات .. وقلوب لا دين ولا انتماء لوطن ولا لحبيب .. غرباء الكل واحد وقلوبهم شتَّى إلا مارحم ربي ..
أثار ذلك فينا الشعور بعدم الإيمان بالواقع وزمن انتهى وأصبح مصاب بالملل والسقم .. ننتظر مع طياته الأمل الذي تحييه نقطة ضعف فينا لحب لعمل لأهل لولد لوطن لدين .. ولا يُنقِص منه مرور العمر حتى لو انتهى.
قد ترغمنا الظروف على مغادرة أماكننا ولكن لن يكون الزمن ممحاة لتشبثنا بالأحلى والأرقى والأنبل وستظل حروفنا أرواحاً تخلدها تلك الحروف التي تحتضن مشاعرنا .. بالحب تارة وبالجمال تارة أخرى .. فالعيون الجميلة لا ترى إلا كل ماهو جميل .. والذكريات لا تُخلَّد إلا في القلوب الرقيقة .. والحب لا يروق إلا لأصحاب النوايا والأفئدة البيضاء الوديعة .. وسيظل الحنين لواقع أفضل في وطن أحلى وأأمن وأحن وأطيب ..
فلنلتقط الأنفاس بعيداً عن نيران وانشقاقات وتحالفات ضد تحالفات وظواهر غريبة ونفاق وخروج عن المألوف من الجيران من كانوا أحباء وأصدقاء وطن أو سكن .. عن افتعال أزمات عن تدخل غريب في وطن في سكن في استقرار .. عن صراعات دول وبلدان وتقاسمات.
ولنستعد بالتركيز لما هو آت بعد حالة من التوتر أو الإرهاق أو الضيق .. لاستعادة القدرة على التفكير وكيفية التصرف بإتقان لما هو آت ..
ولا يصح أن نكون كما قال شكسبير:
” أحياناً تستحق مايحدث لك كي تغير تفكيرك وتفيق من غباءك قليلاً “
ولكن دعونا نلتقط أنفاس التفاؤل والأمل في وجود الحب والحنان .. في عقول مستنيرة تُصلح ما اتلفته عقول عقيمة .. في دعوة لكل من يريد الخير والوقوف خلف كل تخريب وتدمير .. في سلم برهه مع النفس والعقل والروح التي انهكتها آفة التواصل والتخاذل .. ونَدَع ولو لأيام قليلة التفكير في ماذا نقول، ماذا ننشر، كيف نتواصل، كيف نغتاب وننقد، بماذا نرفع الستر بقلوب وعقول الحقد والمكر والحسد، كيف نسطو ونسرق، كيف نرهب ونفضح، كيف نسقط حكاماً ونثير الفوضى، وكيف وكيف وكيف، حتماً هناك قلوب تستحق الحب وهناك وطن يستحق كل التضحية والحب .. فيا وطني لأجلك أفرغت قلبي من كل شئ حتى تسكنه أنت ومن أحب