مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: ماذا تريد ؟

0:00

ماذا تريد ؟

الحياة مدرسة نتعلم منها ما يجب وما نريد وما لا نريد ، أما تعلم ما يجب فيكون من ساعة الولادة ، حيث تعافر أجسامنا الواهنة لتبقى على قيد الحياة ، وهنا نتعلم ما يجب ، وبمرور الوقت تتضاءل المساحة المخصصة لما يجب تعلمه في حياتنا،لتتسع باحات ما نريد وما لا نريد .

وهل هناك ما لا نريد تعلمه ؟! طبعًا هناك تعلم الصبر، تعلم الخديعة، تعلم النفاق ، تعلم الذل ، تعلم الكذب ! وهكذا دواليك .

أما ما نريد تعلمه فهو ما لا ندركه إلا بالحكمة ، فالإنسان عندما يدرك غايته وهدفه من تلك الحياة ، تتحقق لديه معرفة ما يريد تعلمه ، وهنا يتساءل البعض : وفي أي عمر يجب علينا تحقيق هذا الإدراك ؟ الإجابة بأي عمر ، فهناك من يُنعم عليه المولى عز وچل وينير بصيرته فيدرك منذ نعومة أظفاره هدفه ورسالته في تلك الحياة ، وهناك من يُحرم تلكم النعمة ويظل يتخبط بين غايات وأهداف مستعارة من المحيطين ، تجعل جُل عمره ينقضي ، بل كلُهُ ، دون معرفة هدفه ورسالته في الحياة .

ولنا في ألفريد نوبل العبرة ، فالعالم السويدي جمع ثروته من 355 اختراعًا، كان أشهرها الديناميت ، و في عام 1888 توفي لودفيغ شقيق ألفرد نوبل أثناء زيارة لمدينة كان الفرنسية ، وقامت صحيفة فرنسية بنشر نعي لألفرد نوبل بدلاً من شقيقه عن طريق الخطأ. تضمن النعي تنديد به لاختراعه الديناميت، وتمت كتابة النعي بعنوان «تاجر الموت مات».

شعر نوبل وقتها بخيبة أمل شديدة مما قرأه، وهل هذا حقًا ما يريده من الحياة ، أم ما لا يريده ؟!! هنا قرر ألفريد نوبل أن تكون آخر وصية له هي تخصيص ثروته لإنشاء سلسلة من الجوائز لمن يقدمون أعظم فائدة للبشرية في كل المجالات .
بعد هذه الوصية بعام توفى نوبل مخترع الديناميت الذي أزهق ومازال يُزهق ملايين الأرواح ، وهو نفسه نوبل الذي تقدم الجوائز باسمه لكل من يحافظ على البشرية وقيمها النبيلة . ألم أقل لكم : الحياة مدرسة نتعلم فيها ما يجب وما نريد وما لا نريد.

زر الذهاب إلى الأعلى