هاجر تهامي تكتب: هلا عانقتني أم خيبت ظنوني؟

أحيانا يبادرك شعور ورغبة شديدة وملحّة في العناق، لا شيء بعده، ولا قبله، فلا تريد عطرًا بعطر، ولا رجوعًا بعطرين.. هو فقط عناق.
لا تعلم إن كنت تريده خوفًا من وحدة مفرطة، أم تأكيدًا على وجود حقيقي لأناس لطالما ظننت أن سلامك يسكن في عناقهم.. فقط عناقهم.
ربما يكون شعورًا لحظيا ينتهي بمجرد طلبه، أو بانتهاء الحالة النفسية الطارئة التي مرّت بك مرور الكرام أو ربما هو إحساس تجاه مجهول، خرجت من روحه طاقة تقول لك: “هنا سلامك.. فهلا عانقتني؟”
شعور قد ينتهي في خلسة العناق، ويتبخّر مع أول دخان سيجارة يشعلها طبيب خرج لتوه من عملية استغرقت ثلاث ساعات، أو ربما لحظة تأتيك بعد ولادة متعثّرة تنتهي بصوت أولى صرخات طفل خرج من تلك البطن المستديرة، وربما شعور يدوم فلا تكتفي بعناقٍ عابر فتريده طويلًا، يحتضن نفسك وروحك وجسدك، لكنه يظل واقفًا عند الباب.. باب العناق
فلا تحتمل أن يُسدّ في وجهك هذا الباب بمرفق من تريد عناقه خوفًا من امرأة، من مجتمع، من مجرد فكرة، من سوء تأويل
فقط أرادت ملاذًا آمنًا دون اقتناصٍ لحقّ ليس لك.
المؤلم في ظلّ صرخة هذه الرغبة، أن يكون آخر قرارك هو أن تُقدِم على الفعل، أن تُعلِن أنك بحاجة إلى هذا العناق، خشية أن تأتي رغبتك على طبق من فضة تلبية لرغبةً دفينة،لم تكن لتُمنَح بهذه السهولة.
تخشى الإعلان،خوفًا من صورة ذهنية لا تودّ أن تُرسم عنك،أو خوفًا من ثوابت مجتمعية قد تربك حسابات الآخر، أو خوفًا من عقيدة، تخاف أن تقع بسببها في فخ المخالفةٍ .
لكلٍّ منّا ثوابته النفسية والعقلية والجسدية والعقائدية،ولا أرغب الخوض في أمور الدين فلها أهلها.
لكن ماذا لو كان هذا هو السبيل الوحيد لأن تنجو روحك من السؤال؟
ربما يطمئن قلبك، وربما تتلاشى الحاجة عند التنفيذ،
أو ربما تدرك أنه ليس الوقت ولا الشخص المناسبين.. كلها تبقى افتراضات طالما لم تصل إلى حدّ الإعلان.
ليست دعوة مفتوحة للعناق، بل هي دعوة لأن ننطق بما تخفيه نفوسنا لكن مع تحمّل تبعات القرار.
فربما كنتَ شخصًا غير مرغوب في اقترابه،فيسدّ في وجهك الباب حتى بعد الاستئذان، وربما تشعّ طاقةً لا يحتملها جسدٌ آخر، وربما مجرّد الطلب يشعرك برغبة ملحة في الهرب،فقبول النفس ليس أمرًا بسيطًا، حتى لو كان مجرد حديث.
فقد ينتابك شعور بالغثيان إذا طلب أحدهم عناقك وهو لا يحظى منك بالقبول،
أو ربما شخص وقف عند منطقة السلام، دون أن يصل الأمر بك إلى قبول عناقه، أو آخر تكتفى بالكلام معه وسماعه فتنصتَّ له، لكنك لم تعانقه ولن تفعل.
الاعتراف بالرغبة فضيلة،
فالحياة قاسية بما يكفي، لكن تبعات الإعلان مرعبة، فما بالك إن طلبت عناقًا؟
ماذا بعد؟ هل فُهمت كما أردت؟ أم أُسيء فهمك؟
وماذا قيل عنك في داخل من طلبت عناقه؟ وما الأحكام التي صدرت بحقك بعد هذا الاحتياج العلني؟
أسئلة مشروعة لكنها مخيفة في إجاباتها وهنا إما أن تصمت وتميت رغبتك أو أن تصمد وتتحمّل تبعات فعلتك.
فإما مكسب كامل أو خسارة مميتة.. الفوز لن يأتي سوى على أقدام واثقة الخطى.