مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : الرئيس ترامب احذر غضب الأزهر الشريف

0:00

ماذا لو خرج فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر في مؤتمر صحفي عالمي يندد ويرفض ما يحدث من ممارسات وحشية من قتل وتجويع ضد أهل غزة ورافضا لسياسات الكذب والخيانة وقلب الحقائق والممارسات المشينة من التظاهر أمام السفارات المصرية في الخارج في محاولات كاذبة لقلب الحقائق والتنكر للدور المصري العظيم في مساندة غزة وتقديم المساعدات المستمرة لها وللدور المصري في الوقوف ضد التهجير وضد تصفية القضية الفلسطينية.

لا يخفى على أحد هذا الكم الكبير من الكذب والتضليل والسياسات الممنهجة في قلب الحقائق في محاولات يائسة للضغط على مصر للتراجع عن دورها في مساندة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى الحل الذي تتمناه مصر وتسعى إليه خاصة وأن هذا الحل قد قارب على الوصول لنهايته وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهو ما أكدت عليه الكثير من دول العالم في تصريحات متعددة تؤكد على أنهم ينوون الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل ويأتي هذا بعد جهود دبلوماسية مصرية مستمرة ومضنية ومتواصلة

لكن هل هذا الاعتراف من دول العالم بالدولة الفلسطينية  يخدم مصالح حماس وإسرائيل ويمثل بالنسبة لهما نهاية المطاف في أنه يظهر أن إسرائيل دولة تريد السلام وتحافظ على أمن وسلامة جيشها وشعبها أم أن إقرار الدولة الفلسطينية سينزع عنها ثوب الادعاءات الكاذبة وسيظهرها أمام العالم على أنها دولة محتلة توسعية لا تحمل أية مشروعات لمفهوم الدولة والتعايش السلمي بين الشعوب فيما سيؤكد على وحشيتها ودمويتها وأنها دولة لا تعيش ولا تستمر إلا على الحروب والقتل والتدمير والسؤال الأهم بالنسبة لإسرائيل لو أقر العالم حل الدولتين ما هو مشروع الحرب والتوسع والاحتلال الذي سوف تقدمه إسرائيل للراي العام عندها ولأمريكا وللدول الأوربية التي تبتزها بالمعونات المالية وصفقات السلاح والتسهيلات المالية الضخمة تحت مزاعم حماية وأمن إسرائيل وأول هذه المزاعم والمشروع المربح لهم هو فلسطين أيا كان المبرر الذي يقدمونه لمن يحركهم ويقودهم دينيا أو سياسيا أو توسعيا لذلك كل الشواهد تؤكد على أن إسرائيل لا تريد حل الدولتين ولا تسعى إليه ولا تتمنى أن توافق دول العالم خلال شهر سبتمبر المقبل على حل الدولتين لكي تستمر مشروعات إسرائيل واستثمارها ومكاسبها في الحروب والقتل والتدمير والحصول على التسهيلات المالية وصفقات السلاح كما هو لا يتوقف

وأما بالنسبة لحماس فبمنطق تجار الدين وتجار القضية والمتكسبين منها والذين حققوا الغنى والثراء الفاحش من وراء المتاجرة بالدين والقضية وهم في حقيقتهم أبعد ما يكونوا عن القضية الفلسطينية والدين وآداب الجهاد بل على العكس حولت حماس معاني الجهاد في سبيل الوطن إلى المتاجرة الرخيصة وقدمت أقذر الأمثلة في الخيانة والقتل والحرق والتدمير ولا يوجد أبشع مما فعلوه مع مصر حينما اخترقوا الحدود المصرية وقتلوا الضباط والجنود المصريين ووصلوا إلى داخل مصر وأعملوا القتل في شباب مصر في ثورة يناير بل إنهم اختطفوا ضباط وأمناء شرطة من الداخلية المصرية وحتى هذه اللحظة لم يعودوا إلى أهلهم ولا يعرف عنهم أحد شيئا . هذه حماس التي كانت تسرق شاحنات مواد الغذاء وشاحنات البترول وكل السلع المصرية حتى الطيور والحيوانات وتقوم بتهريبهم إلى غزة من خلال الأنفاق حتى أنهم من فجرهم وفجورهم قاموا بسرقة سيارات الشرطة المصرية وقاموا بتهريبها إلى غزة. حماس التي كانت تتعاون مع إسرائيل في تهريب المخدرات إلى مصر من خلال الأنفاق وحققت مكاسب مالية طائلة من وراء ذلك وقاموا بعمليات غسيل كاذب للمال والسمعة وأصبحوا مجاهدين ورجال حروب وسياسة وأموال وتقابلهم الوفود الدولية ويعقدون معهم الصفقات ويجلسون على مائدة المفاوضات وأموالهم في بنوك سويسرا وأمريكا وأسرهم يعيشون في أمريكا وأوربا هل تأتي بعد كل هذه الزعامات والسطوة والنفوذ والأموال والأضواء والمفاوضات والصفقات تأتي مصر وتقول لهم انتهى الأمر وفي سبتمبر ستكون هناك دولة فلسطينية قائمة وموجودة وستعترف بها دول العالم بما يعني أنه ليس هناك دور ولا مكان لحماس في غزة وسيتم تسليم السلطة في القطاع إلى سلطة مدنية توافقية .

هل سيقبل أباطرة الحروب الخروج من المشهد بأيادي فارغة وهم من اعتادوا على المكاسب المالية والسياسية المشبوهة

لذلك تتفق وتتلاقى مصالح إسرائيل وحماس المشبوهة في عدم الوصول إلى شهر سبتمبر بحل الدولتين كما تتفق حماس وإسرائيل ومعهم التنظيم الدولي لجماعة الإخوان في عقاب مصر والضغط عليها في كل مكان في سبيل أن تتراجع عن استكمال دورها في الوصول بحل للقضية الفلسطينية حتى تظل القضية هي الدجاجة التي تبيض ذهبا للجميع وليذهب كل شيء وكل الناس إلى الجحيم.

هل غيرت أحداث غزة المفاهيم عن أمريكا والغرب بخصوص رعايتهم للقيم الإنسانية وأنهم رعاة حقوق الإنسان وموطن الضمير الإنساني وأنهم الملجأ الآمن للأقليات والمظلومين في الأرض

من أكبر وأهم خسائر أمريكا والغرب في أزمة غزة الأخيرة أنها كشفت للجميع الوجه الحقيقي لأمريكا والغرب في أنهم ليسوا دعاة تعايش ولا سلام ولا أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان ولا أنهم في يوم من الأيام من الممكن أن يكونوا دعاة سلام وأمن وتعايش وأنهم أبعد ما يكونوا عن الضمير الإنساني المحلي والعالمي كما أكدت هذه الأزمة على أن أمريكا والغرب لا يمكن أن يكونوا في يوم من الأيام هم الملجأ والمنقذ للأقليات في العالم بل إن خسائر أمريكا وأوربا المعنوية والحضارية والأخلاقية في أزمة غزة أكبر من كل التريلونات التي حصل عليها الرئيس ترامب بل وصلت الخسائر إلى انهيار ما يزعمون أنه القيم والمبادئ والأخلاق وأسس الحضارة الأمريكية والأوربية والغربية التي كانت تسوقها وتقدمها للعالم وخاصة دول العالم الثالث والتي انبهر بها وصدقها الكثيرون من الشعوب والمفتونين بالحضارة الغربية ومن الصعب جدا أن يقوم هؤلاء ببناء حضارة أخرى مماثلة خاصة مع كل هذا الصلف والتكبر والغرور الذي يتعامل به الرئيس الأمريكي ترامب وهو يملك وضع نهايات جادة وحاسمة للحرب في غزة

ماذا لو خرج فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر وإمام المسلمين في مؤتمر صحفي عالمي يقوم من خلاله بدعوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها للثورة السلمية والانتفاضة والحشد ضد الإدارة الأمريكية وضد السياسات الأمريكية الجائرة والظالمة التي تتبناها وتؤيدها ضد القضية الفلسطينية وضد الإنسانية وضد التقاعس الكبير من قبل الرئيس الأمريكي ترامب في عدم التدخل بحسم وقوة ووضع نهاية سريعة وحاسمة للحرب في غزة سيتسبب ذلك في حرج وخسائر كبيرة للإدارة الأمريكية وللرئيس ترامب والخسارة الأكبر ستكون من نصيب الحلفاء والأصدقاء ومن يقدمون الصفقات والأموال دعما للإدارة الأمريكية وستفتح أبوابا من مصلحة أمريكا وأصدقائها والممولين لها عدم الاقتراب منها لأن تكلفة نهاية الحرب وحل القضية الفلسطينية في هذه الحالة ستكون أقل بكثير من تكلفة فتح الأبواب المغلقة

سيناريو مطروح وكل شيء قابل للتفكير ولو على سبيل الأمنيات فحتى الأمنيات تحولها الظروف الضاغطة والجائرة إلى واقع ملموس وعلى الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب أن يعلم أنه حينما تسد كل الأبواب ويستمر الجور والظلم وتتباهى الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب بالوقوف في وجه قيم العدل والإنسانية والأخلاق وعدم مناصرة حقوق الشعوب فمن الممكن أن تنقلب المعادلة تماما وتكون الخسارة المعنوية والحضارية والأخلاقية الأكبر من نصيب أمريكا ومن نصيب الرئيس الأمريكي ترامب

إنها سياسة الفرصة الأخيرة للإدارة الأمريكية وللرئيس الأمريكي ترامب في الحفاظ على ما تبقى من مصداقية وأخلاقية وحضارة أمريكا واستمرارها في التأثير على العالم

زر الذهاب إلى الأعلى