مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : (هجره الحكماء.. القرش مقابل البقاء ! )

0:00

هجره الاطباء المصريين قد لاتبدوا موضوعا ملحا لكنها قد تتحول الي ازمه تقوض اركان صحه المصريين!! وذلك بتراكم الاثار التي تحول العَرَض الي مرض.

مدرسه الطب المصريه بجهازيها (الفني والإداري) التي انجزت بعون الله القضاء علي الملاريا والبلهارسيا وفيروس (سي) وشلل الاطفال والحصبه هل تقف عاجزه امام خلق توافق يحد من الخلل الذي تحدثه هجره الاطباء.

لاباس ان تقدم البلد ابنائها الاطباء لدول اخري بما يعود بالنفع علي الجميع لكن بشرط ان يكونوا اكثر مما تحتاج وفق القول (الزيت ان احتاج له البيت حرم ع الجامع)، ووفق اليه تضمن الا استورد خدمات انا أصدرها.

في موروثنا الثقافي والاجتماعي اعتبار مهنه الطب الاعلي في سلسله المهن والوظائف عندنا ومع نظامنا التعليمي الذي يؤسس “للتعليم للتوظيف والفائده” وليس “التعليم للعلم والتعلم”.، وعليه فإن مهنه الطب الجليله قدمت لمنتسبيها وضعا اجتماعيا متالقا ووضعا ماديا ومعيشيا مزدهرا حيث الخدمه محل طلب كثيف وكان هذا سببا في التهافت عليها طمعا في ثرائها وبريقها، وعليه تحول الطب من رساله انسانيه الي مهنه للترزق.

لكن يبدوا ان ممارسه الطب في اطار وظيفه حكوميه ومستشفي اميري اصبح محل مراجعه من الاطباء المصريين فكان التحول الي طبيب حر او طبيب مهاجر حسب تصريحات نقابه اطباء مصر التي افادت بان ٩٦٦٨ من الاطباء تحولوا الي طبيب حر عام ٢٠٢٤ وقبل ذلك سنويا حذا حذوهم الاف وهو مؤشر يفيد برغبه الطبيب للهجره للخارج اكثر مما يدل علي استغناء عن عمل حكومي لصالح عمل خاص بالداخل (عياده او مستشفي) .

قديما كان طبيب الوحده الصحيه في القري مثلا في الجنوب ياتي مغتربا من محافظات يقيم في الوحده ويقدم خدمات وافيه في الطب الوقائي والعلاجي (للامراض البسيطه) التي تناسب خبراته وكان يعيش مندمجا كليا وسط مجتمع بلا خدمات اساسيه كالكهرباء والماء وافران الخبز لكنه كان يتالقم محفوفا بكرم وود القرويين وكان يتنقل لزيارته المنزليه اما مترجلا او علي ظهر دابه ويقدم عونا طبيا يرضي زبائنه وكان اجره يسيرا لامغالاه فيه مطلقا. وكان مستشفي المركز يقدم خدمات تخصصيه لاباس بها وذلك في اطار رعايه تامه ومجانيه كليا.

الان تغير الوضع فاغلب الوحدات الصحيه وان كانت بخدمات اعلي كثيرا مما مضي الا ان اغلبها بلا طبيب او بطبيب متبرم من عمله وبنقص حاد في الادويه فخرجت من الخدمه العلاجيه بشكل شبه كامل ومثلها المستشفيات المركزيه التي تتطلب ادويه علي نفقه المريض ان وجد طبيب يكتبها.

وكما فشلت منظومه التامين الصحي القديم والمموله من اشتراكات منتفعيها ان تقدم خدمه ولو مقبوله ومع منظومه التامين الصحي الشامل التي محورها ورقيات وتسجيل وإجراءات اداريه شكليه واحالات تستلزم مجهودا ووقتا ونفقه تسقط دورها في اسعاف سريع او علاج ناجز ومن مظاهر الشكليات ان وحده طب اسره بمنظومه التامين الصحي الشامل ان بها فوق ١٠ افراد امن وللتسجيل وطبيب واحد قد يكون باجازه! مع بيئه اداريه خانقه تكرس جهدها لتفعيل نظام الحضور والانصراف والجزاءات قبل ان تعمل لتيسير دور الطب والعلاج.

كان الطبيب يجد وقتا لعمله الحكومي والخاص الذي يشكل له مردودا جيدا يكفيه لان يصنع مكانته التي يصنعها المال فقط حاليا ومع نظم اداره التامين الصحي الشامل فقد وقت عمله الخاص فاضطر ان يستغني بالكثير عن القليل وتحول لطبيب حر يمارس شبكه مصالح متعاونا مع الصيدليات ومراكز التحاليل والاشعه ان لم يكن مشاركا فيها لاجل ترويجها لمرضاه.

..الاطباء العازفون عن العمل الحكومي بوزاره الصحه يعزون ذلك الي تدني اجورهم مقارنه بمردود عملهم الحر او سفرهم للخارج والعاملون في مستشفيات الجامعات يعزون ذلك لضغوط العمل وتعنت الاساتذه ولايخفي مايضمرون من فرصه لرزق واسع وتعليم افضل.

حزمه القوانين الاخيره التي اهمها قانون المسئوليه الطبيه الذي يحمل الطبيب مسئوليه خطئه المهني غير مرضي عنه من الاطباء ومشروع قانون اتاحه اداره المستشفيات الحكوميه للقطاع الخاص غير مرضي عنها من جانب المحتاجين للخدمه الطبيه ويخشون تغول القطاع الخاص ماديا والاجدر منها اتاحه فرصه اداره المستشفيات باسلوب إداره مستشفيات الرائد “مجدي يعقوب” ومستشفيات جمعيه الاورمان التي تحظي بكل الرضا من الجميع.

في خلفيه المشهد هل خبرات طبيب ممارس حديث التخرج او نائب تدر له دخلا يحلم به وتمكنه ان يكون منافسا بالخارج ام ان في الهجره بعد آخر لا نعرفه.

رغم زياده عدد المقبولين بكليات الطب التي زادت الي ٤٠ كليه بين حكوميه وخاصه واهليه وزاد عدد المقبولين بها الي مايزيد عن ٢٠ الف طالب فان الامر لن يحل المشكله طالما بقيت البيئه الاداريه والقانونيه والماليه التي يراها الاطباء سببا لهجرتهم فان المشكله ستظل قائمه وقد تتحول لكارثه ضياع صحه مجتمع لايقوي اغلب مكونه من المعوزين ومحدودي الدخل علي نفقات العلاج الحر والخاص المغالي والمبالغ فيها لحد مستفز.

الامر يحتاج لحوار بين الحكومه والاطباء لبحث إزاله وتفكيك المشكله التي تعتبر قضيه حياه او موت مع اعتبار قوي لأن خدمات الصحه الحكوميه ليست مجالا للربح والاستثمار المادي بل بمردود اكبر هو مجتمع بعافيه انفع من المال.

زر الذهاب إلى الأعلى