مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : رسالة للرئيس ترامب سيناء ليست قراراً للرئيس .. هي قراراً يملكه الشعب المصري

لم تكن تصريحات الرئيس الامريكي الاخيرة عفوية او مجرد زلة لسان.. بل كانت مقصودة ومتعمدة تماماً .. حيث تحدث بغرور وغطرسة عن دولة عربية نعتز بها ، ويحترمها العالم اجمع ، ويحرص هو دوماً دائما على التقرب منها وابتزازها بصورة مسيئة وغير مقبولة . وأشار أيضاً في تصريحاته عن رغبته في قيام مصر والاردن بالموافقة على تهجير الفلسطينيين اليهم .. ليتركوا وطنهم واراضيهم ليحقق حلم الكيان المحتل ، ويتم نقلهم قسراً أو طواعية الي مناطق جديدة يعيشوا فيها في سلام .. بعيداً عن الحروب والمأسيي الانسانية التي تعرضوا لها طوال سنوات الاحتلال .
لا شك ان تلك التصريحات ، التي تضمنت كلمات معسولة عن صداقته مع الرئيس المصري مجرد بالونة اختبار لقياس ردود الفعل والتأثيرات علي الشعب المصري ومدي تماسكهم ، والتفافهم حول قيادتهم ، وقدرتهم على التصدي للعواقب التي ستترتب علي عدم اطاعة أوامره ورغباته … ونحمد الله تعالى.. لقد كانت الغضبة صارخة ، والرفض قاطع ، سبق القرار الشعبي .. البيان الرسمي للدولة بعدم قبول جريمة التهجير للفلسطينيين لمصر أو لغيرها أو حتى مجرد المشاركة أو الموافقة عليها … رغم يقين المصريين ان موقفهم هذا سوف يكلفهم الكثير من الضغوطات السياسية والاقتصادية التي بدأ الكونجرس الأمريكي بالفعل في التحضيرات الخاصة بها .. وسيقومون بتكثيف الصراعات الحدودية واعادة الارهاب حولها لإشغال جيشها ، واستمرار التضييق على قناة السويس وحصارها ، وطبعا ستزيد محاولات اثارة الفتن وشق الصف باستغلال ازمتها الاقتصادية .. ولا يمنع الامر من اختلاق وقائع او احداث تؤدي الي تخويف وتطفيش السياحة ، وستنشط كل قنوات الاخوان المسلمين من جدبد ، وستشتعل كتائب وسائل التواصل الاجتماعي مرة أخرى وسيعود لنا المقاول محمد علي من تاني .. عذراً لقد حفظنا السيناريو وتعودنا عليه.
لقد دفعت الحكومة الاسرائيلية ١٥٠ مليون دولار لإقامة حملة دعائية للهجوم علي الجيش المصري ، ولتحفيز الكونجرس الأمريكي والمجتمع الدولي لسرعة القيام بممارسة ضغوطات اكثر علي مصر ، وتوقيع عقوبات مشددة عليها لرفضها مخطط التهجير ، ولإدخالها جيشها لسيناء وقيامها ببناء قواعد عسكرية .. وكان (قمة الفجر السياسي ) باتهام مصر باقامة تحصينات دفاعية ومتاريس وموانع برية بداخل اراضيها لانه سوف يمنع تقدم اي قوات برية لداخل سيناء اذا ما رغبت اسرائيل في ذلك … كما اتهمت الجيش المصري ببناء قواعد للدفاع الجوي في انفاق اقيمت بداخل جبال سيناء ( ولهذا كان قرار الرئيس ترامب بسرعة الموافقة علي تسليمهم القنابل الثقيلة المخصصة لتدمير الحصون والانفاق الموجودة في الاعماق الكبيرة ) .
ويتحدث العالمون ببواطن الامور عن بدائل وسيناريوهات عديدة تم اعدادها وسيتم مناقشتها خلال الزيارة المقبلة لنتنياهو لامريكا الاسبوع المقبل .
البديل الاول يعتمد علي استغلال حالة الدمار الشامل ، وغياب كل مقومات الحياة في غزة وتصعيد الامور مع مصر دولياً وقانونيا لإجبارها علي فتح حدودها (ولو بصفة مؤقتة ) لإنقاذ ملايين الفلسطينيين من الموت المحقق ، والسماح لهم بدخول أراضيها وايوائهم وتوفير سبل العيش لهم وفقاً لمقتضيات القانون الدولي في حالات الحروب ، والمبادئ والمعايير والقيم الاخلاقية والإنسانية .. وعلي ان تقوم امريكا وأوروبا بإنشاء اعداد كبيرة من الخيام والملاجئ والمنازل المتنقلة لإيوائهم بجوار السور الذي انشأته مصر بمحاذاة الشريط الحدودي الفاصل مع الحدود الاسرائيلية .. وبعدما يتم افراغ غزة من سكانها يتم تسليمها الي ( ايلون ماسك) ليقوم هو ومجموعة من كبار رجال المال واللوبي اليهودي الذين ساهموا في تمويل الحملة الانتخابية للرئيس ترامب لتولي اعادة بناء (غزة الجديدة ) وفقاً لأحدث المعايير والانظمة العالمية التي سوف تنافس أفضل المدن الساحلية الأوروبية علي البحر المتوسط .
وفي حالة عدم التمكن من تحقيق ذلك يمكن تهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين الي الأراضي الجديدة التي احتلتها اسرائيل في سوريا .. والتنسيق (غير المعلن) مع بعض الدول العربيه والأوروبية لاستيعاب اعداد اخري من الفلسطينيين .. مع تسهيل وفتح أبواب الهجرة الطوعية لمن يرغب منهم في ذلك وتحفيزه مادياً .

اما البديل الثاني في حالة اصرار المملكة العربية السعودية وتمسكها بشرط تنفيذ حل الدولتين قبل التطبيع مع إسرائيل .. وهوان يتم ( تفريغ الضفة الغربية ) وانتقال سكانها الي غزة ( بعد استقطاع الجزء الشمالي منها ) مع امكانيه توسيع مساحتها عن طريق ضم جزء من صحراء النقب لها لكي تستوعب كل الباقين من الفلسطينيين.. وهو مايمكن ان يكون نواة لدولة فلسطينية موحدة ، مصغرة ، منزوعة السلاح .

ياسيادة الرئيس ترامب لا تضيع جهدك هباءاً مع الشعب المصري .. لأنه حالة خاصه فهو ليس شعباً له جيش .. ولكنه جيشاً له شعب يقف خلفه يسانده ويتلاحم معه ..وللعلم الجميع ومبعوثكم في المقدمة.. ان سيناء ليست خطاً أحمر فحسب .. وانما هي أرضا حمراء ارتوت بدماء ابنائها الشهداء الذين حافظوا عليها على مر العصور.
يا عالم لا تحاولوا ولا تضغطوا … سيناء ليست قراراً يملكه الرئيس ، وانما رفضا قاطعا اصدره الشعب المصري كله .

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى