راندا الهادي تكتب : عقدة لسان
هل مطلوب مني كعربي أن أنطق اللغات الأخرى كما ينطقها أهلها ؟! سؤال أطرحه على المختصين في مجال اللغة واللسانيات ، وهذا السؤال قفز في رأسي كنتيجة لعدد من المواقف التي عشتها ومازلت بسبب طبيعة عملي كمذيعة ، وغيرتي على ثقافتنا العربية .
صادف في أيام الجامعة عندما كنت طالبة في كلية الإعلام أن رافقنا في السكن مجموعة من الفتيات اليابانيات كن يتلقين تعليمهن في جامعة القاهرة ، حيث كن يدرسن اللغة العربية وأدابها كمنحة من بلادهم ، المراد هنا هو طريقة نطقهم للعربية كانت أقرب لليابانية منها للغة العربية ، وقتها كنا نشعر بلطافة هذا الأمر ولم يعب عليهم أحد عدم التزامهم بالنطق الصحيح للكلمات ، إدراكًا منا بأنها ليست لغتهم الأم ، فضلا عن صعوبة اللغة العربية على غير الناطقين بها .
مرة أخرى أتذكر أحد زملائنا في الكلية كان حديث القدوم من الولايات المتحدة إلى مصر ، حيث نشأ هناك بسبب طبيعة عمل والده ، وكان يتحدث الإنجليزية الأمريكية بمنتهى الطلاقة ولا يعرف تركيب جملة تامة باللغة العربية ، وكان شعور المحيطين به هو قمة الانبهار ولم يوجه له أحدٌ تقريعًا أو حتى نصيحة بأهمية إتقان لغته الأم اللغة العربية .
لقطة أخرى عبرت أمام مخيلتي وأنا أكتب لكم ، حيث كنت بالنادي وسمعت إحدى الأمهات تنهر ابنها بشدة باللغة الفرنسية وتوجهه في الكلام العادي بها ونحن أبعد ما يكون عن متحف اللوفر أو الشانزلزيه، إذن ما العيب في التحدث بلغة بلدك ؟ !! . ماذا قصرت فيه معكم اللغة العربية ؟!! لنهجرها بهذا الشكل .
وتستمر المواقف والذكريات التي قابلتها عن كمية النكران والتجاهل والتهاون في حق اللغة العربية سواء في أسماء المتاجر والمحلات أو ترقيع ضيف ما لحواره بكلمات أجنبية سعيًا لوجاهة في غير محلها ، أو هجوم أحدهم على قناة تلفزيونية أو محطة راديو لخطأ مذيعيها في نطق اسم مدينة كما ينطقها أهلها !! وهنا سأقف قليلا ، لأطرح بعض التساؤلات ؟ هل نعاتب أي أجنبي على نطقه الرديء للغة العربية وأسماء حاضراتنا أينما كانت ؟ هل ننتقص من وسيلة إعلام غربية إذا ما لفظت أي مسمى بالعربية مشوهًا بلهجتهم ليخرج منزوع الملامح ؟ إذن لماذا أعيب على العربي هذا وأطالبه بالنطق للغات الأخرى كأهلها ، وهناك مثال أخير سأضعه أمامكم على مائدة المقال ، عندما سافرت لإحدى دول الخليج وكل من سافر يعرف هذه المعلومة جيدًا ، نرى الهنود يتحدثون الإنجليزية الهندية ، بل من يعمل منهم كمدرس في مؤسسات تعليمية خليجية وهم كُثر ينقلون الإنجليزية باللهجة الهندية إلى الطلاب .
لذا سأعيد سؤالي مرة أخرى على المتخصصين : هل مطلوب مني كعربي أن أنطق اللغات الأخرى كما ينطقها أهلها ؟!.