صفوت عباس يكتب : (سقوط ثورات ناقصه نمو)!
..وصف الكتب للثورة على أنها ظاهرة اجتماعية تقوم بها فئة أو جماعة ما هدفها التغيير وفقا لأيدولوجية هذه الفئة أو الجماعة، ولا ترتبط بشرعية قانونية، كما تعبر عن انتقال السلطة من الطبقة الحاكمة إلى طبقة الثوار
ويقول اخرون انها حراك مجتمعي شامل هادئ او عنيف يقوم لتغيير انماط سياسيه واجتماعيه واقتصاديه سيئه ادت الي هذا الحراك وتهدف الي تغيير للافضل.
اذن نحن حسب الاراء بصدد وجوب وجود (ايديولوجيه) او افكار تهدف الثوره الي تحقيقها او تكون الافكار دافعا للثوره، وبصدد ان مكون الثوره قد يقوم علي ثوار يستقطبون مجتمعهم لنصره افكارهم وتغيير نظم سيئه قائمه او يقوم بها الجميع ممن أنوا من ضغط اوضاع سيئه، وعموما تفضي الثورات نظريا اولا الي تغيير نظم الحكم وتتابع الانجازات بتغييرات دستوريه واقتصاديه وتنتهي الي تغييرات اجتماعيه وثقافيه توسس لاوضاع مغايره وافضل نظريا مما قامت ضده الثورات.
السياق السابق قد يتحقق ولو جزئيا في الثوره الامريكيه ١٧٧٥: ١٧٨٣ التي قام بها المستوطنون ضد هيمنه بريطانيا وافضت الي استقلال المستعمرات البريطانيه لتتحول الي الولايات المتحدة الأمريكية بنظام جمهوري مغاير للملكيه البريطانيه واسست لدوله تقع الان في موقع قطب العالم لاتعليق علي الفعل الامريكي الحالي، وجائت بعدها (الثوره الفرنسية) ١٧٩٨ ; ١٧٩٩ التي يعدونها اهم ثورات البشريه كملهم لثورات اخري في العالم وقد انهت النظام الملكي الذي ترهل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وافضت لليبراليه مع تمكين البرجوازيه مع اقرار لحقوق الطبقات العامله والادني وانتهت الي امبراطوريه فرنسا_ نابليون الاستعماريه التي تحررت منها المغرب والجزائر وغينيا والنيجر وتشاد ومدغشقر والان تتجرد المستعمرات الفرنسيه خصوصا في دول الساحل الغربي الافريقي من قواعد عسكريه فرنسيا وبقيه استعمار اقتصادي بغيض. ثم الثوره الروسيه ١٩١٧ انهت حكم القياصره واوجدت الاتحاد السوفيتي الذي كان احد قطبي الدنيا واسست لاشتراكيه وشيوعيه كارل ماركس كافكار غزت العالم ومازالت، وجائت الثوره الصينيه ١٩٤٦ بتولي الحزب الشيوعي الصيني الذي كرس للصين المتفوقه اقتصاديا وعسكريا.. والثوره الايرانيه ١٩٧٩ التي انهت ملكيه الشاه ودشنت جمهوريه ايران الاسلاميه ولو بافكار خفيه فارسيه الي شيعيه.
وعند العرب كانت ثوره ١٩١٩ في مصر كثوره شعبيه لكل اطياف المجتمع ادت الي حلحله وضع الاحتلال وصنعت زعامه سعد باشا زغلول وحزب الوفد السياسيه كممثل للشعب في مفاوضات الجلاء التي أدت لمعاهده ١٩٣٦ علي يد النحاس باشا ثم كانت ثوره يوليو ١٩٥٢ التي اسقطت الملكيه و الراسماليه والاقطاع لصالح الجمهوريه وحقوق الفلاحين والعمال والمهمشين وثوره التحرير الجزائريه التي اسست الجمهوريه الجزائريه علي انقاض الاستعمار الفرنسي.. وثوره الفاتح من سبتمبر ١٩٦٩ في ليبيا التي انهت ملكيه السنوسي لصالح الجماهيريه الليبيه.
كل الثورات السابقه قامت علي اسس فكريه تشاركيه اما ضد ملكيات او استعمار بغيض او بافكار مثل اشتراكيه ماركس او اصوليه شيعيه لولايه الفقيه في ايران.
.. سقطت ثورات مابعد ٢٠٠٠ عند العرب التي قامت علي اما :
.. افكار الفوضي الخلاقه الامريكيه التي تكرس الاضطرابات لضرب توحد الدول العربيه واسقاطها الي محاصصه او دويلات فسقط المشروع العراقي الذي قام علي اثر الاحتلال الامريكي للعراق بعد اقصاء الرئيس صدام حسين فخلقت نظام محاصصه سياسيه افضي لجيش بائس مع ميليشيات مواليه لفرق مذهبيه او دول اجنبيه وانهت في لبنان القوام الدستوري فاصبح لبنان بلا رئيس وبحكومه تصريف اعمال ومليشيا افرزتها المحاصصه السياسيه مواليه لدول اقليميه وانتهي الوضع بتوغل اسرائيلي في الجنوب بعد تدميره.
.. افكار مجموعات دينيه بخلفيه الاسلام السياسي يسعي للاستئثار بالحكم دون خلفيه في اداره الدوله والحكم فسقط مشروع الحكم الاخواني في مصر ومشروع السراج في ليبيا الذي قسم ليبيا الي شرق وغرب دون هيكل دستوري يقيم دوله وقسم الحوثي اليمن الي شبه دوله وجماعه.وفي تونس يقاتل الرئيس قيس سعيد لابقاء تونس الدوله دون الانزلاق بافعال حركه النهضه.
.. عدم توحد فكري ايديولوجي للشعوب الثائره ففي السودان تعاركت افكار المدنيين ومسلحين شكلوا قوي الحريه والتغيير المؤلفه من تجمّع المهنيين، الجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع الوطني وكذا كتلة التجمع الاتحادي المُعارِض وكتلة قوى نداء السودان بخلفيات مختلفه من قوميه وشيوعيه واسلاميه ومهنيه وعشائريه ومناطقيه وفصائل مسلحه اختلفوا ليتولي القياده عسكريون انقسموا بين جيش ودعم سريع (المكون باطل اساسا بضم ميليشيات الي الجيش) فافضي الحرب الي سودان ممزق وسودانيين مهجرين ونازحين ولاجئين ومازالت اللعبه مستمره لتفضي الي ماذا؟.. الله اعلم.
.. اليساريون والليبراليون العرب اشد الناس مشاركه في الثورات وانداماجا من اجل تغيير تقدمي وديمقراطي واشتراكي لكنهم تصادموا في النموذج الثوري العربي الراهن مع انغلاق واستئثار شركاؤهم في الثوره فانقلبوا عليهم (حاله الاستئثار والاقصاء التي صنعها الاخوان في مصر فسقطوا)
.. قامت الثورات بايعاز وافكار صدرتها اطراف دوليه او اقليميه تهدف لتعزيز ونشر افكارها دوليا او بمحيطها سعيا لنفوذ قوي وسط ضعفاء او لتامين جانبها وحدودها (تركيا _الاكراد _سوريا ومشروع المد الشيعي الايراني في المنطقه العربيه ) ولاتلبث هذه القوي ان تنفض يدها من اعوانها الساقطين والشاهد التصرف الايراني بنفض يدها من حزب الله ثم المليشيات الشيعيه في سوريا.
ومؤخرا في سوريا كشاهد علي الوصف السابق كانت الاحداث كأنها مرتبه لتسقط حكم الاسد بشكل سلس دون مقاومه لحلب وحمص وحماه ثم العاصمه دمشق وتسليم الجيش وتولي القياده لابو محمد الجولاني القادم بخلفيات من القاعده وداعش ورجوعه لاسمه الاساسي (احمد الشرع)!! وفي المقابل تتوغل اسرائيل لتحتل محيط الجولان وتتمدد لاكثر وتقوم بالاجهاز الكامل علي بقايا الجيش والطيران والاسطول، وسؤال بذهن الناس هل ستتفق المعارضه بمرجعيات قوميه ومذهبيه وولائات متعدده ام ستصير سوريا الي وضع اقله المحاصصه واوسطه التقسيم واشده الاحتلال.
سقطت ثورات العرب المعاصره لانها لم تكن بمرجعيات ايديولوجيه راسخه يعتنقها الجميع وتقنع الجماهير الغير مسيسه وتقوم علي تغيير نظم الحكم (ملكي الي جمهوري) والانماط الاقتصاديه والاجتماعي (من استئثار واحتكار الي اشتراكيه او ليبراليه او شكل معتدل لصالح الشعوب) ولم تقم علي اعلاء ديمقراطيه المجتمع لصالح تمكن جماعات استأثرت بالحكم في قوالب مغلقه عليهم فسقطت الي وب احتكار فئه او جماعه سياسيه او دينيه. لتعلن سقوط اي ثوره ناقصه النمو.
وتبقي علي قياس العقل والمنطق والواقع ثورات في تاريخ البشريه قامت علي وب افكار نبيله وراسخه تعلي الدوله علي الجماعات والفرق وتعلي الشعوب فوق احتكارها واستغلالها وقهرها وحتي تترسخ الثورات العظيمه تمر بمخاضات اليمه لكنها تبقي وتنجز.