د. أماني فاروق تكتب: مدينة الإنتاج الإعلامي ..رائدة ترميم التراث السينمائي وحافظة الهوية الفنية
توقفت طويلاً أمام ما قاله الفنان الكبير حسين فهمي في تعليقه على جهود مدينة الإنتاج الإعلامي في ترميم الأفلام السينمائية المصرية القديمة. لقد كان حديثه مليئًا بالحكمة والاعتزاز، خاصة حينما أشار إلى الدور الحيوي الذي تقوم به المدينة في الحفاظ على التراث السينمائي المصري ، و في تقديري، لا تقتصر هذه الجهود على مجرد إصلاح تقني للأفلام، بل هي أكثر من ذلك بكثير؛ هي رسالة حضارية تُؤكد التزام مصر بالحفاظ على هويتها الثقافية والفنية.
ما دفعني للتفكير العميق في هذا الإنجاز المهم هو حجم العمل والجهد الذي يبذله زملائي في فريق العمل بمدينة الإنتاج الإعلامي ، هذا الفريق الذي يواصل الليل بالنهار لترميم الأفلام التي شكلت جزءًا أساسيًا من الذاكرة البصرية المصرية ،كما أنني أعتقد أن ترميم هذه الأفلام لا يتعلق فقط بإعادة إنتاجها بصريًا، بل يتعلق بإعادة إحيائها في قلوب الأجيال الجديدة. حين نعرض هذه الأفلام بعد ترميمها، فإننا لا نعرض مجرد صور وأصوات، بل نعرض ذاكرة بلد كامل ، وجماليات لم تقتصر على زمن معين بل هي جزء لا يتجزأ من تاريخ السينما والفن العربي.
اللافت للنظر في هذه المبادرة هو الطريقة التي تنفذ بها، فهي لا تقتصر على معالجة المشكلات التقنية، بل تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على الروح الأصلية للعمل الفني ، الأمر الذي يدعوني للقول أن إعادة الحياة لتلك الأفلام القديمة ليست مجرد عملية ميكانيكية، بل هي مسعى فني وثقافي في جوهره ، لذا فإنني أشعر بفخر عميق عندما أرى كيف يُعطى لهذه الأفلام الحياة من جديد، وكيف يتم الاهتمام بكل تفصيل صغير، سواء كان ذلك في الصورة أو الصوت، لكي تبقى هذه الأعمال خالدة كما كانت يومًا.
في تقديري، يظل ترميم الأفلام المصرية القديمة هو حجر الزاوية للحفاظ على التراث السمعي البصري لمصر ، أما بالنسبة للمدينة نفسها، فهي ليست مجرد مركز إنتاج، بل هي صرح ثقافي وفني يعكس تاريخ مصر السينمائي العريق ، كما أنه لا تقتصر مهامها على صناعة الإعلام، بل تشمل الحفاظ على جوهر الفنون في المنطقة ، لذا فإن هذه الجهود تُعزز مكانة مدينة الإنتاج الإعلامي ككيان رائد في المنطقة، بل في العالم العربي أجمع ، لأن ما تقوم به المدينة اليوم من ترميم الأفلام، هو رسالة موجة للعالم تؤكد قدرة مصر على الحفاظ على تراثها وإيصاله للأجيال القادمة بكل ما يحمله من أصالة وجمال.
ما أريد أن أؤكد عليه هنا هو أن هذه المشاريع لا يمكن أن تحقق النجاح المطلوب إلا بفضل الفريق المخلص الذي يعمل خلف الكواليس. هؤلاء الذين يعملون في صمت وهدوء، يُقدمون إبداعًا يليق باسم ومكانة مدينة الإنتاج الإعلامي. وهنا فإن الذي يدعو للفخر حقًا هو رؤية هذه الفرق تعمل بتفانٍ من أجل أن تبقى هذه الأعمال الفنية رمزًا للثقافة المصرية والعربية في العالم. وبصدق شديد هؤلاء الأفراد هم الأبطال الحقيقيون الذين يستحقون كل الشكر والاحترام، فقد ساهموا في وضع المدينة في مصاف الكيانات الإعلامية والثقافية الكبرى في العالم.
أعتقد أن مدينة الإنتاج الإعلامي هي أكثر من مجرد مكان لإنتاج الأفلام. هي ركيزة أساسية للحفاظ على هويتنا الثقافية والفنية، وهي رائدة في مجال ترميم التراث السينمائي. فكل فيلم تم ترميمه هو شهادة على التزام مصر بإعادة كتابة تاريخها الفني، وكل مشروع جديد يبشر بمستقبل مشرق للفن والإعلام.
الأمر الذي يدعو للقول بأن مدينة الإنتاج الإعلامي ستظل منارة للإبداع والريادة في العالم العربي،كما ستبقى مصر دائمًا قلعة للإبداع وحافظة لتراثها الفني ، تنقل للأجيال القادمة مجدها وحضارتها بكل فخر واعتزاز.
ــــــــــــــ
مدير مركز التدريب والتطوير بمدينة الإنتاج الإعلامي