مايسة السلكاوى تكتب: الرجل الثانى2/2

إختيار الرجل الثانى ليس بالمهمة السهلة ‘ فالأمر يتطلب الفطنة والذكاء والنظرة الثاقبة ‘ وهذا ما كان يتمتع به محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة فقد نجح فى إختيار معاونيه منذ توليه حكم مصر 1805م ‘ حين إختار محمد لاظ أوغلى أغا لإدارة الشئون الداخلية والجهادية -الجيش- وباغوص بك للعلاقات التجارية والخارجية فظلا يؤديان دورهما حتى وفاة كل منهما.
كان محمد لاظ أغا أوغلى أقرب المقربين إلى محمد على وموضع ثقته فعينه كتخدا مصر أى رئيس الحكومة فكان الرجل الثانى الذى ينوب عن الباشا أثناء غيابه عن البلاد ‘ وفى 1822م تولى نظارة الجهادية واستطاع تحقيق إنجازات كبيرة بجيش مصر حتى وفاته.
وصل لاظ أوغلى مصر مع محمد على ضمن التجريدة التى أرسلتها الأستانة للإشراف على على خروج الحملة الفرنسية من مصر 1801م واستقر بها وبعد فشل حملة فريزر 1807م عينه محمد على فى العام التالى كتخدا مصروكانت مسؤليته ضبط الأمن ‘ ولكى يتحقق ذلك كان يرى ضرورة التخلص من المماليك فهو صاحب فكرة مذبحة القلعة 1811م وأقنع بها محمد على .البعض يراها قسوة مفرطة لكن كانت هذه من سمات ذلك العصر وإلا ما تحقق الإستقرار وبالتأكيد كان سيتم القضاء على محمد على وبالفعل حيكت ضده المؤامرات للتخلص منه .
أسس لاظ أغلى دواوين ومصالح الحكومة فكان له مطلق التصرف فى شئون إدارة البلاد ‘ تميزت فترة إدارته بالأمن والأمان بعد فترات طويلة عانت فيها البلاد فوضى وسرقة ونهب فى بداية حكم محمد على ‘ كان لاظ إوغلى عللا دراية بأحوال وأخبار سكان القاهرة وبالمؤامرات التى يتم تدبيرها للسطو على حقوق المواطنين ويسلبون أموالهم والتى تدبر ضد الحكم . فكان له أعوان يعرفون اللغة العربية والتركية يتخفون فى هيئة باعة جائلين يترددون على البيوت الكبيرة التى يفد إليها الناس من مختلف المناطق ويقومون بتدوين كل ما سمعوه فى تقارير يلقون بها فى فتحة من باب لبيت كان يعرف “بيت قفطان” ‘ بالقرب من بيت الكريدلى بالسيدة زينب ومن داخل الفتحة توجد مخلاه توضع بها التقارير‘داخل هذا البيت كانت تقيم سيدة جاءت إلى مصر لتعليم محمد على مبادئ اللغة العربية وقراءة التركية وكتابتها ! فتقوم هذه السيدة بقراءة وتلخيص التقارير ويرسل إليها لاظ أوغلى بغلة لتذهب بها إلى القلعة لتقرأ التقارير وبناء عليه يتم اتخاذ الإحتياطات التى تتخذها الحكومة واتخاذ الإجراءات المناسبة .والعجيب فى الأمر أن الجميع لا يعلمون لمن تقدم التقارير حتى تلك السيدة لا تعلم من يضعها لتلخصها .
ومما يؤكد إخلاص لاظ أوغلى لمحمد على قضاؤه على مؤامرة شهيرة دبرها ما تبقى من المماليك وجنود البان منشقين على محمد على بقيادة لطيف باشا بدعم من العثمانيين ‘لقتل عائلة محمد على ثم رجاله بالقلعة أثناء وجوده بالحجاز لمحاربة الوهابيين ‘ وبحيله من لاظ أوغلى حيث أرسل عساكره إلى القلعة مما يوحى بأنه سيعلن نفسه حاكما لمصر فتغيرت خطة لطيف باشا ليكون هدفه لاظ أوغلى نفسه لكنه استطاع اجهادالمؤامرة و تمكن من قتل لطيف باشا والقاء أعوانه فى البحر .
ولأن لاظ أوغلى لم يكن يهتم بذكر اسمه أو تمجيد أعماله ‘فعندما أرادت الحكومة المصرية فى عهد الخديو إسماعيل عمل تماثيل لكل من محمد على باشا ومحمد لاظ أوغلى بك وسليمان باشا الفرنساوى لم تجد صورة للاظ أوغلى . ذات يوم كان محافظ القاهرة ووزير الأوقاف فى خان الخليلى فوقع نظر الوزير – وكان يعرف لاظ أوغلى – على “سقا ” يماثل لاظ أوغلى فى الطول واللمحات وعلى الفور دعاه المحافظ لمقابلته بالمحافظ وتم تفصيل بدلة تناسب عصر لاظ أوغلى وسيف وبعد استكمال الملابس والعمامة وكل ما يلزم تم التقاط صورة فوتوغرافية للسقا وقام المثال الفرنسى جاك مار 1872م بعمل تمثال له . والذى نراه حاليا فى ميدان لاظ أوغلى أو -المالية سابقا- هو تمثال السقا الذى يشبه لاظ أوغلى .