راندا الهادي تكتب: لكبار السن .. وإفريقيا تمتنع!!

تُصيبنا الدهشةُ أحيانًا من العالَم الغربي وخاصةً أميركا، التي صدّعت أدمغتنا ليلَ نهار من فوقِ منابرها السياسية والإعلامية بضرورة ضخ دماءٍ جديدة، وبحتمية التغيير، وإفساح المجال للجيل الأصغر سنًّا، لنرى كل هذه الشعارات هباءً منثورًا تطايرت ذراتُه مع انطلاق شُعلة البدء لماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تَجري بين منافسَيْن أصغرُهم يبلغ من العمر أرذله، بل وتتفنن مِنصاتُهم الإعلامية في فضح سقطات هذا وذاك بسبب الشيخوخة البيِّنة وأعراضِها لدى كليهما.
ولمعلوماتكم، فإن (بايدن) يُعد الرئيسَ الأكبر سِنًّا في تاريخ أميركا ؛ حيث سيبلغ في شهر نوفمبر القادم واحدًا وثمانين عامًا، في حين وصل (ترامب) لعامِه السابع والسبعين.
وعلى الجانب الآخر من العالم، الجانب الأشد سخونةً في الصراع، يفوز في روسيا (ڤلاديمير بوتين) _ البالغ من العمر واحدًا وسبعين عامًا _ بالانتخابات الرئاسية.
المُلفت للانتباه أن إفريقيا تسير في اتجاهٍ معاكس؛ ففي الانتخابات الرئاسية التي جرت في السنغال يوم الرابع والعشرين من مارس 2024م، أصبح (باسيرو ديوماي فاي) البالغ من العمر أربعةً وأربعين عامًا أصغرَ رئيسٍ لبلاده، وهناك (إبراهيم تراوري) الرئيس المؤقت ببوركينافاسو البالغ من العمر خمسةً وثلاثين عامًا، وهو صاحب قرار إنهاء الوجود الفرنسي في بلاده، وهناك رئيس مدغشقر، (أندريه راجولينا) ويبلغ أربعةً وأربعين عامًا!!
هنا يجب أن نتوقف قليلا، ونحاول استقراءَ الصورة بشكل جيد، حيث قوى عالمية قديمة يَزحف الشَّيْبُ على كُرسِيِّ الحُكم فيها، وقارةٌ سمراء تستعيد شبابها السياسي وتَجري دماءٌ حارّة في أروقة الحُكم بها.
هل يُنذر هذا بتغير موازين القوى، أم تحرر إفريقي من التبعية الغربية كما رأينا مع تراوري؟! هل ستنهض القارةُ المُستنزفة وتَستغل مواردَها لصالحها، أم لا يزال في الجعبة مفاجآتٌ غيرُ متوقعة ولا تخطر لنا على بال؟!! عامةً كل ما هو إفريقي مُرحبٌ به، كلُّ مَن يعمل لصالح بلاده مُلقيًا عُرْضَ الحائط بأي أچندات خارجية مثارُ تفاؤلٍ لنا، ولتمتنع إفريقيا كما تشاء!!