مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: صاحب فضل في رمضان (2) هاني الناظر

اخترتُ في رمضان أن أكتبَ عن بعض ضيوف برنامجي الإذاعي (صاحب فضل) الذي قدمتُه في السنة العاشرة لراديو مصر 2019م. ومن بين هذه الشخصيات وأحبِّها إلى قلبي وقلوبكم والتي أعتز بمحاورتها _ وقد كان ضيفًا دائمًا معي في برامجي الرمضانية _ الدكتور/ “هاني الناظر” أستاذ الأمراض الجلدية _ رحمه الله _ (٢٦ ديسمبر ١٩٥٠م _ الخميس ٢٢ فبراير ٢٠٢٤م).

قابلتُ (هاني الناظر) _ أولَ مرة _ في مكتبه بالمركز القومي للبحوث، وتبادلنا الحديثَ الودي قبل التسجيل، ومثلُ هذا الحديث يُقلل الرهبةَ مع الضيف _ إن وُجِدَتْ _ ويَسمحُ في الحوار بمساحةٍ من المودة تُفيده.

قال (هاني الناظر): (إن الشخصيةَ صاحبةَ الفضل عليَّ هي والدي “د/ عز الدين الناظر”، وقد كان أيضًا طبيبًا للأمراض الجلدية، وهو يُمثل بالنسبة لي القدوة، إذ تعلمتُ عِلْمَ الأمراض الجلدية على يديه، وكنتُ أذهب معه إلى العيادة وأنا صغير، وأرى كيف يُعامل المرضى، كان يَعتبر الكبيرَ أخاه أو أخته، والصغيرَ ابنَه أو ابنته، كان يحترم الجميع، تعلمتُ منه حُبَّ العِلم، ومساعدةَ الآخرين، وعملَ الخير لوجه الله، وقد تأثرتُ به، وما زلتُ أقول: أنا أعيش في جلباب أبي، في معاملاته ولِبسه، في مِشيته وجِلسته، في أسلوب تعامله مع الحياة بصفةٍ عامة).

أما الشخصُ الذي لم يُقابله (هاني الناظر) ومع ذلك يرى أنه صاحبُ فضلٍ عليه، فهو الأستاذ الدكتور “مصطفى كمال حلمي” _ رحمه الله _ (كان رئيسَ مجلس الشورى المصري من 24 يونيو 1989م حتى 23 يونيو 2004م، وكذلك شغل منصبَ نائب رئيس الوزراء للتعليم العالي والبحث العلمي من عام 1974م حتى عام 1976م)، يقول (هاني الناظر): (كنتُ أُعجَبُ بِعلمه وبأسلوب إدارته، ورغم أنه كان عالِمًا كبيرًا إلا أنه كان إنسانًا متواضعًا جدا، كان عفيفَ اللسان، مهذبًا، على خُلُقٍ عالٍ، يتعامل مع الناس بأسلوبٍ راقٍ جدا، كنتُ أعتبره دائمًا نموذجًا، وكان يُذَكِّرني بوالدي، وقد تأثرتُ به وتعلمتُ منه أن أنقل ما لديَّ مِن عِلْمٍ للناس، وألا أَحْرِمَ الآخرين مما تعلمتُ، وأساعدَهم بكل الطرق، وأن أنتقي كلماتي، وأختارَ ما لا يجرح الآخرين، وألا أخوضَ في سيرة أحد، لم ألتقِ به، ولكني قدمتُ واجبَ العزاءِ فيه).

هناك موقفٌ يعتبره (هاني الناظر) صاحبَ فضلٍ عليه، إذ غيَّر مجرى حياته، وحوْلَ هذا الموقف حكى لي قائلًا: (إنه موقفٌ غيَّر مستقبلَ حياتي بالكامل، فأنا حاصل على بكالوريوس زراعة، بعدها التحقتُ بالقوات المسلحة وخُضتُ حربَ أكتوبر ١٩٧٣م، بعدها قررتُ الالتحاقَ بكلية الطب (كان النظام يَسمح بأن يتقدمَ أوائلُ كلية الزراعة لكلية الطب)، فتقدمتُ بأوراقي لكلية الطب جامعة عين شمس، وبعد أسبوع ذهبتُ لأستفسرَ عن النتيجة، فوجدتُ أنني لم أُقبل!! فقررتُ أن أسحب أوراقي من شُباك شؤون الطلبة، وكان هناك شاب سألني: لماذا ستسحب أوراقك؟ فقلتُ: لأنني رُفِضتُ!! فقال لي: لا، قدِّمْ مرةً أخرى؛ فهناك مِن خريجي الزراعة مَن هم أقلُّ منك تقديرًا وتم قَبولهم!! قابلتُ عميدَ الكلية، وأخبرتُه بالأمر، وقال: لا بد وأن يكونَ قد حدث خطأ، قدِّمْ لي طلبًا الآن، فقدمتُه وتمت الموافقةُ على التحاقي بكلية الطب!! في اليوم الثاني، عُدتُ إلى شُباك شؤون الطلبة لأشكرَ هذا الشاب؛ حيث إنه غيّر مجرى حياتي، لكني لم أجده، ولما سألتُ عليه، قالوا: إن هذا الشاب كان هنا يوم أمس فقط، إنه متدرب وليس موظفًا!! وكأنه جاء في هذا اليوم فقط من أجلي، وكان سببًا لتغيير مجرى حياتي بالكامل، وأنا لا أنسى هذا الموقف، وهذا فضلٌ من الله).

دكتور/ (هاني الناظر) في رحاب رب العالمين: السيرةُ أطولُ من العمر، وقد تركتَ سيرةً طيبةً جعلتْ منك صاحبَ فضلٍ على كثيرين، فكنتَ جديرًا بدعوات الملايين.

زر الذهاب إلى الأعلى