عبد المعطى أحمد يكتب : لامفر من ضبط النفس

تتساقط الأقنعة مع الأيام, ويظهر كل شىء على حقيقته, قد يحدث هذا اليوم, وربما غدا, لكن الحقيقة لابد أن تظهر, والأقنعة لابد أن تسقط. الخداع قصير العمر, ومهما حاولت أن تخدع لن تخدع. الكذب ممكن بعض الوقت, لكنه مستحيل طول الوقت.
الابتسامة لاتعنى الحب, والتجاهل لايعنى الكراهية, والدمعة لاتعنى التعاطف, وماتراه الأبيض قد يكون الأسود, والبصيرة أن ترى مالايراه الآخرون. الموت ليس أعظم خسارة, فنحن نخسر الكثير ونحن أحياء, والألغاز أيضا كثيرة, والعالم ملىء بالمتناقضات, ويكفى أن تنظر حولك.
تنفعل أحيانا, وتفقد أعصابك, وتتصرف بطريقة تندم عليها لاحقا, والانفعال لايحل مشكلة, بالعكس يزيدها تعقيدا. حاول أن تهدأ, فإحباطات الحياة لاتنتهى, وصدماتنا فى البشر لاتتوقف, والأحداث قد تمضى عكس مانريد, ومن الطبيعى أن نثور ونغضب, والخاسر الوحيد نحن.
من حقك أن تعبر عن نفسك, لاتكبت مشاعرك, فالكبت يولد الانفجار, لكن لاتنفعل, فصحتك بالدنيا, ومشكلتنا أننا عاطفيون, وأحكامنا متسرعة, وردود أفعالنا غير مدروسة, وهكذا نشتعل غضبا, والغضب لايقود إلى شىء, فقط انعدام التوازن ولا أحد يتوقف ليفهم.
عشوائية الحياة تقود إلى عشوائية السلوك, وبالقوة نحاول التغيير, وبالعنف نقاوم التغيير, ولو عجزت عن إدراك الواقع, عليك أن تغير نظرتك إلى الواقع, ولكل ظاهر باطن, ولكل باطن ظاهر, ولايهم ماحدث اليوم, لكن المهم ماسيحدث غدا, تتحكم فى نفسك أو تتحكم فيك, هذه هى المعضلة, ولامفر من ضبط النفس إذا أردنا التوازن.
- فى رأيى أن فكرة ربط عدد أعضاء مجلس النواب بعدد السكان التى أثيرت فى جلسات الحوار الوطنى أخيرا أمر مرعب, فهذا يعنى أن البرلمان الهندى مثلا يجب أن يضم 7آلاف عضو, بينما لايزيد عدد نواب البرلمان التونسى مثلا على 60 عضوا, والسؤال:لماذا نطرح أصلا فكرة زيادة العدد؟هل لعدم كفاية الأعداد أم نتيجة عدم كفاءة العمل البرلمانى , واعتقد أن هذا أمر يجب أن تقرره لجنة من الخبراء أو شركة متخصصة فى الحوكمة وهيكلة المؤسسات, ثم يطرح ذلك على السياسيين للنقاش والتصويت, أما أن يقرر السياسيون هذا الأمر فهو ليس فى محله.
- توقفت عند مطالبة البعض بنشر “ثقافة الاستغناء” باعتبارها أبرز الوسائل الفعالة لمكافحة الغلاء, وكبح جماح الأسعار, وتعليقا على ذلك أقول:إن ثقافة الاستغناء تعنى فى تقديرى “ثقافة الحرمان” من تناول أو تداول أو اقتناء شىء يراه المرء مرتفع الثمن, ومنخفض الأهمية بالنسبة له, وأرى أنها ثقافة تكدر الصفو, وتقض المضاجع, وتحرك فى النفوس بواعث الضيق والاكتئاب, إذ يحق للمرء أن يسعد ويهنأ ويستمتع بكل مافى الحياة من نعم ومباهج مالم تكن إثما, وعندما لايستطيع إلى ذلك سبيلا لظروف مالية, فإن الأمر يستوجب التحلى ب “ثقافة الترشيد”, وهى ثقافة فى متناول الجميع, وتقع فى منتصف المسافة بين الإسراف والتقتير.
- أتمنى ان يحذو الوزراء والمحافظون ورؤساء القطاعات حذو رئيس الجمهورية بإنشاء بريد الكترونى ليتم التعامل معه بشكل مباشر دون وسطاء للوقوف بصدق على أوجاع وهموم المواطنين, مع وضع الضوابط القانونية التى تحد من الشكاوى الكاذبة والكيدية والتافهة التى يمكن أن تهدم الفكرة, لأن كثرة أعداد الشكاوى قد تكون سببا لعدم القدرة على ملاحقتها حصرا واستيعابا, بالاضافة إلى ضرورة التعامل معها بالسرعة المطلوبة بإلزام المؤسسات الحكومية ذات الصلة المنوط بها الشكوى ان تبادر إلى التعامل معها خلال فترة زمنية محددة بعيدا عن تمييع الأمور.
- فوز عدد من الطلاب المصريين بمرحلة ماقبل الجامعى فى المعرض الدولى للعلوم والهندسة الذى أقيم بولاية تكساس الأمريكية يدفعنا إلى ضرورة التحرك العاجل للحفاظ على هذه الثروة البشرية خصوصا أن طالبتين هما سما وشهد نوح من مدرسة المتفوقين فى العلوم والتكنولوجيا بمحافظة الشرقية حصلتا على منحة دراسية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فى الظهران, وأخرى من جامعة أريزونا فى أمريكا عن مشروعيهما المبتكر فى مجال النقل الأخضر, وأقترح على المسئولين سرعة تشكيل مجلس أعلى يضم خبرات علمية ومالية مشهودا لها بالكفاءة والحيادية تكون مهمته كيف نحافظ ونحتفظ بهذه الكنوز العلمية والعقول المبدعة التى فازت فى مسابقات عالمية لاتعرف طريقا للمجاملة, على أن يكون هؤلاء بمثابة القاعدة البشرية التى تؤسس لبناء صرح من البحث العلمى فى المجالات كافة.