د. صابر حارص يكتب : يوميات صائم (10)
تسعة أدلة على أن النصر مقترن برمضان
لا توجد معلومات حول خصوصية اختيار توقيت حرب أكتوبر في شهر رمضان وبالتحديد في مناسبة غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون على كفار قريش، الاختيار كان لأسباب تتعلق بالمناخ وحالة الطقس وعيدالغفران وملاءمة التوقيت مع الجبهة السورية وليس لأسباب رمضانية، إلا أن القادة والجنود تأثروا مباشرة بخوض الحرب في رمضان ورفض الجنود أوامر القيادة بالإفطار
كما أن الشئون المعنوية نفذت خطتها العادية كنوع من المحاضرات الدينية التثقيفية عبر مجلة المجاهد وبواسطة علماء كبار كالشيخ الشعراوي دون أي إشارة صربحة إلى حرب أكتوبر
وليس من قبيل المصادفة أن تتم الانتصارات التسعة الكبرى في تاريخ العرب والمسلمين في شهر رمضان، بما يعني وجود علاقة قوية ومؤكدة بين النصر وبين الشهر المعظم وبين النصر والايمان؟
إن قصة انتصار العرب المسلمين على المشركين في غزوة بدر الكبرى بالسنة الثانية للهجرة دليلاً على ذلك؟ كيف يهزم 313 رجلاً مسلماً ألفا من المشركين؟ وتمكن المسلمون من قتل سبعين من المشركين وأُسر سبعين آخرين وفوزهم برأس أبي جهل
ألم نتدبر قول الله ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}
كما أن قصة فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة دليلاً ثانياً؟ حيث دخل النبي مكة وطاف بالبيت الحرام وحطم 360 صنماً حول الكعبة، ثم دخل الكعبة، فصلّى فيها ركعتين، وكبّر في نواحي البيت، وخطب في الناس، وبايعه أهل مكة رجالاً ونساء وأطلق سراح أسرى كفارها، وقال قولته الشهيرة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”
وتعتبر معركة القادسية بالسنة الخامسة العشرة للهجرة بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص الذي فتح فيها الفرس دليلاً ثالثاً على ملازمة النصر في شعبان و رمضان
ثم جاء فتح بلاد الأندلس سنة 92 هـ، بقيادة طارق بن زياد الذي انتصر باثنا عشر ألف جندي على أربعين ألف جندي من جيش القوطي وقتلوا ملكهم دليلاً رابعاً على النصر في رمضان
ثم هزيمة الروم وفتح عمورية سنة 223هـ وتأديبهم بعد أن صاحت امرأة هاشمية “وا معتصماه” فبلغ الخبر المعتصم فأجابها وهو جالس على عرشه: “لبيكِ، لبيكِ” دليلاً خامساً على ملازمة النصر في رمضان، وعمورية بلدة كبيرة قرب أنقرة التركية وكانت من أفضل البلاد الأوروبية وأكثر مكانة من القسطنطينية
ثم معركة الزلاقة التي انتصر فيها المسلمون على جيش الفرنجة جنوب دولة إسبانيا حالياً سنة 479هـ دليلأ سادساً رغم أن قائد جيش المسلمين كان في الرابعة والثمانين من عمره “يوسف ابن تاشفين” وكانت المعركة سبباً في بداية عصر المرابطين في الأندلس، وهو العصر الذي تلا عصر الطوائف الذي كادت فيه الأندلس أن تسقط
ثم موقعة حطين سنة 584هـ بقيادة صلاح الدين الذي أنهى فيها تكرار الحملات الصليبية وتحرير معظم بلاد الشام كدليل سابع على النصر في رمضان..، وحطين قرية بين الناصرة وطبريا
ثم معركة عين جالوت سنة 685هـ بقيادة السلطان سيف الدين قطز وقائده العسكري ركن الدين بيبرس الذين أدبوا فيها التتار بعد اجتياحهم لبغداد وأوقفوا زحفه كدليل ثامن على النصر في رمضان، وعين جالوت قرية تقع بالقرب من نابلس..
ثم اخيرا نصر أكتوبر على العدو الصهيوني المُحتل سنة 1973م وعبور الجيوش العربية قناة السويس وتحطيم خط بارليف و أسطورة “الجيش الإسرائيلي” الذي لا يقهر كدليل تاسع للنصر في رمضان
ولا يعني نصر رمضان أن يكون الجند صائمين، ففي فتح مكة وجه الرسول صلى الله عليه وسلم بالفطور لتقوية البدن، فمنهم من صام ومنهم من أفطر، ثم نزل المسلمون منزلاً آخَر في السحور فقال صلى الله عليه وسلم (إنكم مُصبحو عدوكم، والفِطر أقوى لكم فأفطروا)، وكانت عزمةً، فأفطرنا” رواه مسلم…
وقد استوعب المصريون قادة وجنود هذا التاريخ في أكتوبر فجاء نصر العاشر من رمضان على العدو الصهيوني، فهل يمكن أن يستوعب المصريون اليوم هذا التاريخ فينتصرون على أنفسهم بإعلاء المصلحة العامة وتوسيد الأمور إلى أهلها وتجاوز الأزمة المائية والاقتصادية والنهوض بالوطن؟