مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: استُشْهِدَ مِن تلقاءِ نفسِه!!

0:00

عبارة (استُشْهِدَ مِن تلقاءِ نفسِه) نستخدمها للسخرية والتهكم على مَن يضر نفسه بنفسه، بارعٌ لدرجة عدم الحاجة لمعونة أحد!! وهذا ما نفعله _ نحن المصريين _ في بعضنا هذه الأيام.
قد يسأل البعض أنُلحقُ الضررَ بأنفسِنا؟! كيف؟! لن أجيب من باب الفلسفة والتنظير، بل سأحكي لكم واقعةً حدثت أمام عيني لأصل بكم للغاية التي أريد.
كعادة أي ربة منزل في الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، وموجة ارتفاع الأسعار التي لم تستقر بعد، عندما يقع بين يديّ عَرْض (أي تخفيض لأحد المحال) أسارع لشرائِه باعتبار ذلك فرصةً لا تُعوض.
ولأن بناتي العزيزات يستخدمن المناديل بعدد حركات عقرب الثواني، كان ولا بد عند نزول عَرْضٍ مُغرٍ على المناديل بالـ (ماركت) القريب من بيتي أن أنزل لأشتري، خاصة وأن التخفيض في السعر يقترب من النصف.
المهم _ حتى لا أطيل _ كان بالـ (ماركت) ثلاثُ عبوات (جامبو) تضم كل واحدة منها تقريبا (٢٤ باكيت) من فئة الـ (٥٥٠ منديل)، فقُمتُ بأخذِ ثلاث عُلب من العبوة كبيرة الحجم، وذهبتُ لبائع البَيْض المجاور (للماركت) لشراء بَيْض _ اصبروا معي؛ فبائع البَيْض دورُه رئيسيٌّ في القصة _ فلم أجده، وإذ به يا سادة يخرج من الـ (ماركت) حاملا العبوات (الجامبو) لمناديل العرض التي اشتريتُ منها ويضعُها في دكانه، مُفرغًا الـ (ماركت) من المناديل!!

ولأن المرءَ منا لا يزال حياؤه يمنعه من التدخل بشؤون غيره، قتلني الغيظ من بائع البَيْض الذي حَرَمَ جيرانَه من فرصة شراء سلعة مخفضة ليبيعَها في اليوم التالي بثمنها المعتاد قبل العرض أو بأغلى من ذلك!! ويتركني أتساءل: لماذا نقسو على أنفسنا بأيدينا؟! ألا تكفي حالة الركود التي يعيشها العالم، والغلاء الذي نعاني منه، دافعًا للتعاون ومراعاة بعضنا البعض؟! ألا يخطر ببالنا أن الاحتكارَ مُحرمٌ شرعًا حتى في أبسط صوره يا بائع البيض؟!

بالطبع هذا مثال بسيط على سلوكٍ _ للأسف _ استشرى وانتشر هذه الفترة لاستغلال ظروف وحاجة الناس، لتحقيق مصلحة شخصية ضيقة، أو إهدار جهود جهات رسمية وغير رسمية للتخفيف عن المواطنين.
ولعل كلَّ مَن قرأ قصتي، اِستحضر في ذهنه تجربةً مماثلة سمِعها أو عاشها لشخصٍ يُشبه بائعَ البيض، وامرأةٍ مِثلي يأكلها الغيظ، خاصةً وأن عُلبَ المناديل الثلاث التي اشتريتُها، لم تُكمل في بيتي يومين!!

زر الذهاب إلى الأعلى