د.فتحي حسين يكتب: الترند القاتل .. كيف أصبحت صور المشاهير سلعة للنصب والابتزاز؟

في زمن المنصات الرقمية، لم تعد الشهرة درعًا يحمي صاحبها، بل أصبحت أحيانًا عبئًا ثقيلًا، خاصة حين تتحول صور الفنانين والمشاهير إلى وسيلة سهلة لتحقيق “الترند”، عبر الكذب والخداع، والاتجار في الخصوصية، كما حدث مؤخرًا مع الفنانة هند عاكف مثلا ، التي وجدت نفسها فجأة في قلب عاصفة من التضليل..
القصة ليست جديدة، لكنها تتكرر بشكل أكثر عدوانية.
صور قديمة، مجتزأة، أو حتى مفبركة، يتم استخدامها دون إذن، ومرافقتها بعناوين صادمة:
“لن تصدق ما فعلته هند عاكف…” مدعومة ب”صور مسربة…”
كلها عناوين تخاطب الغرائز، وتستدرج المتابعين بوقود الإثارة، دون أي احترام لحقيقة أو ضمير.
وراء تلك العناوين، لا يوجد محتوى حقيقي، بل مادة جوفاء تُبنى على “السرقة البصرية” واختلاق الأحداث. الهدف؟
تحقيق ملايين المشاهدات، وبالتالي عائدات خيالية من الإعلانات والمشاهدات، على حساب سمعة الفنانين، وحياتهم الخاصة، بل وكرامتهم الإنسانية.
الفنانة هند عاكف لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة.
لكن قضيتها تُعيد طرح سؤال مهم:
هل أصبحت الشهرة مرادفا لانتهاك الخصوصية؟
وهل يُعقل أن تُصبح الشخصية العامة مستباحة لمجرد أنها تحت الأضواء؟
الاعتداء على صور الفنانين بهذا الشكل لا يُعد فقط جريمة أخلاقية، بل أيضًا جريمة قانونية يعاقب عليها قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، وقانون حماية الملكية الفكرية.
لكن المشكلة الأعمق، أن الضحية في هذه المعادلة لا يجد دائمًا من “ينصفه”، لا نقابة تتحرك سريعًا، ولا جهة قضائية تحمي حقه الفوري، في ظل بطء المسارات القانونية، وسرعة انتشار السم الرقمي.السكوت عن هذه الظاهرة لم يعد خيارا.
فما يحدث لا يمس فقط حياة الأفراد، بل يُشوّه صورة الفن، ويفتح الباب أمام موجات من الابتزاز، والسخرية، والتنمر، التي تُحول المنصات من فضاء حر إلى ساحة إعدام معنوي.
لقد آن الأوان أن تتوحد أصوات الفنانين والنقابات والمثقفين، لسن تشريعات أكثر صرامة، ووضع آليات مراقبة وملاحقة حقيقية لكل من يعتدي على خصوصية الآخرين من أجل حفنة مشاهدات، ولضمان أن لا يتحول الفنان إلى هدف، فقط لأنه مشهور.!