مقالات الرأى

هاجر تهامي تكتب: جوتا.. الموت يعشق فجأة ولا يحب الانتظار

0:00

إن الموت يعشق فجأة مثلي، وإن الموت مثلي لا يحب الانتظار .. هنا أعلن العاشق فجأة رغبته في معشوقه، فأراده وناداه: “هيا يا جوتا، مُت حَرقًا في أسعد لحظات حياتك، مُت غريبًا، لا في بلدك البرتغال، ولا على أرض ناديك ليفربول في إنجلترا، بل مُت هنا، في سيارتك الفارهة في إسبانيا لكن لا تقلق، فلن أتركك وحدك… خذ معك أخيك”.

عالم مميت، مخيف، مهيب، مفرح، محزن… عالم لا ثوابت فيه، ففي الدقيقة الواحدة تنتابك كل المشاعر، كل الآلام، كل الأفراح، وعلى قلبك أن يحتمل.

تصرخ فرحًا وتصرخ نصرًا، تبكي هزيمة وتُنكر استسلامًا تلك لحظات يعيشها مجنون الكرة وعاشقها، محبوها وكارهوها، داخل المستطيل الأخضر وخارجه.

تغادر نادٍ وتفضل آخر، تلعب أحيانًا، وتشارك الدكة أحيانًا آخرى، تمرض وتُشفى، تُصاب وتتعافى، تستريح قليلًا وتُكمل المران كثيرًا..
أنت في القائمة وأنت نفس الشخص خارجها، أنت كل العوالم المناخية والإنسانية أنت لاعب ومشجع، أنت كل هؤلاء دون إرادة حرة مستقلة.

هاجر تهامي
هاجر تهامي

فطالما دخلت هذا العالم الذي لا يهدأ، فاعلم أن كل المشاعر ستلاحقك، وكل اللحظات ستتبعك، منها ما يُعوَّض، ومنها ما يصعب تعويضه، لكن لا استحالة في شيء، فقط الاستحالة فيما يأتي.

أحداث كرة القدم كثيرة ومتسارعة، بقدر سرعة الحياة وإيقاعها، أبسطها تصادم لاعب بآخر على أرضية الملعب، محصلته فقدان الكرة من قدم اللاعب، دون أن يستدعي الأمر أن يُشهر الحكم بطاقته الصفراء، لكن حادث اليوم يستحيل إنكاره أو مروره مرور الكرام، ليس بحكم الفار، ولا بحكم الميديا، لكنه بحكم النتيجة الحتمية الموجعة التي لا مفر منها لنهاية إنسان، ومُطالَبة للحياة بالاستمرار بعده.

هنا حالة طرد أيها الحكم، هنا إخراج الكارت الأحمر، لكن في تلك اللحظة، هو إعلان خروج نهائي، ليس من أرض الملعب، بل من كل بقاع الأرض.

إن حادثنا الآن أكبر وأعمق، أشد وجعًا وقهرًا وألمًا من مجرد فقدان كرة إنه موت، وفقدان بلا عودة إنه موت من تُحب، ومن تُخالل.

وعليك أن تشد أزرك، وتحتمل وتصمد،
لكن لا أعدك ألا تكون هنا يومًا مثل نيفيز وكانسيلو، لا أعدك ألا تنهمر دموعك المحرقة على وجنتيك بلا هوادة، فاليوم لا حكم ولا سيد لأرض اللقاء.

الأمل في رب قلبك، أن تستحلفه بالأرض والسماء أن يُسكن قلبيهما في تلك اللحظة وهذا اللقاء.

لكن الرب شاء الأفضل، والأصلح لقلوبهم

اليوم لا غلبة لذلك القلبين الموقَدَين حزنًا وألمًا، المشتعلين باشتعال اللامبورجيني،
فليهدآ بالبكاء، حتى لو كان على مرأى ومسمع من العالم، في لقاء الهلال السعودي وفلومينينسي البرازيلي.

ما أصعب ألم الفقد، ألم الرحيل بلا عودة،
فقلبك في تلك اللحظات يكاد يقف، كما وقف قلب ميتك، حتى وإن تظاهرنا بأن حزننا فقط على أقربنا،لكن تلك المجنونة جعلت الأقربون كثيرين، لا بالدم، ولا بالمنشأ، ولا بالعمل، جعلتهم أمامنا على الشاشات، وعبر وسائل التواصل، جعلتنا نلهث خلف أقدامهم طمعًا في هدف أو نصر أو تأهل، نخشَى عليهم كما نخشَى على أشقائنا وأبنائنا،ونخشَى من خصمهم كخشيتنا من جائر قد يقتحم منزلنا.

فهلا يسكن القلب قليلًا على ألم الفراق بأمل اللقاء ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى