مقالات الرأى

إميل أمين يكتب : العالم وصراع تحت وفوق الماء

0:00

منذ أن نشر ألفريد ماهان كتابه ” تاثير القوة البحرية على التاريخ” ، أدرك علماء البحرية أن الدور الأساسي للبحرية الأميركية هو التحكم في حركة المحيطات . هذه حقيقة خالدة. وإذا لم تضمن البحرية الأميركية السيطرة البحرية ، فستتولى جهة أخرى الأمر ….هل لدى واشنطن شكوك في روسيا أم الصين بأكثر قدر ؟
الذين تابعوا إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الوحيدة التي صدرت خلال ولاية جو بايدن، يجد أن الصين هي التي تحتل صدار المخاوف بل والتهديدات للولايات المتحدة على الرغم من أن روسيا في الوقت الحاضر هي التي تشعل الحرب على الجبهة الأوكرانية .
يذهب الكابتن ” سكوت تايت ” المتقاعد في البحرية الأميركية إلى أن الحركة مهمة في جميع المجالات البحرية، ولكن بالنسبة للبحرية السطحية ، تُعد الحركة أمرا أساسيا والتحكم في الحركة يتجاوز مجرد المناورة في المعارك البحرية .
يُقدر الأميركيون أن الصراع على البحار والمحيطات سوف ينطلق في منطقة المحيط الهادئ أول الأمرن قبل أن تمضي القوة البحرية الصينية المتقدمة إلى الغرب لجهة المحيط الأطلسي .
غير أنه قبل هذا وذاك، حكما تركز الصين على منطقة بحر الصين الجنوبي، والذي تعتبره واشنطن مركز صراع متقدم، يمكن أن ينفلش، وهناك بالفعل من أدميرالات البحرية الأميركية من توقع سيناريو صدامي عام 2027 ، يبدأ من تلك المنطقة التي تراها واشنطن مياها إقليمية، وصولا إلى حجر الزاوية الأكبر والأخطر المتمثل في جزيرة تايوان .
في هذا السيناريو ، سيكون الهدف الأول للأسطول السطحي الأميركي هو ” إعادة السيطرة البحرية لبحر الصين من الشرق إلى الغرب “.
ويتمثل الهدف العملياتي للمرحلة الأولى في السماح لقوات المتابعة من الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها بالتدفق نحو تايوان كجزء من إستراتيجية أوسع لإستعادة السيطرة البحرية على الطريق المؤدية إلى الصين ، وسيتطلب هذا إعادة السيطرة على عدد كبيرا من السفن والأسلحة ، ودعما من مجموعات الحرب البحرية الأخرى والقوة المشتركة ، والحلفاء ، مع قيادة وتحكم متقنة وقوية ومرنة ، وقابلية تشغيل متبادل على نطاق لم يشهده العالم في البحر منذ معركة أوكيناوا عام 1945.
هل على البحرية الأميركية أن تراجع أوراقها من جديد في مواجهة المخاطر عالية القدر التي تواجهها ؟
يبدو أن عالم المحيطات والبحار يعيش بالفعل أزمنة عصيبة تتطلب جهودا جبارة واستثمارات ضخمة .
اليوم يتذكر الأميركيون بنوع خاص ما قاله الأدميرال ” إرنست كينغ “، قائد الأسطول الأميركي ، من أن” لا شيئ يبقى ثابتا في الحرب أو الأسلحة العسكرية ، وبالتالي ، غالبا ما يكون من الخطير الإعتماد على مسارات توحي بها أوجه تشابه ظاهرة في الماضي .
ويعد النجاح في المجالي السطحي، أي فوق سطح المياه ، عاملا أساسيا للإنتقال إلى الهجوم ونقل المعركة إلى الصين ولتحقيق ذلك ، يُعد تحويل القوة السطحية أمرا أساسيا .
هل أدرك الصينيون بالفعل إمكانية تفوق الأميركيين على صعيد المجال السطحي للبحار والمحيطات، ومن ثم باتت إستراتيجيتهم تتجه إلى الأعماق، حيث الغواصات التي تشكل كابوسا ليليا نوويا لواشنطن وحلفاءها في الحال والإستقبال ؟
لم يعد سرا القول أن الصينيين قد أحرزوا تقدما كبيرا بل وهائلا على صعيد بناء ترسانة بحرية، وفي ظنهم أن الأميركيين يودون بالفعل حرمانهم من الهيمنة على منطقة الإندوباسيفيك، حيث يجري صراع القرن الحادي والعشرين.
هل العالم مقبل بالفعل على حروب فوق وتحت المياه ؟

زر الذهاب إلى الأعلى